عَلَيْهَا بِضَرَرٍ فِي بَدَنِهَا، وَضَعْفٍ فِي جِسْمِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، فَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَتْ كَالْمَهْرِ، وَلَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ بِهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ حَقِّهِ مِنْهَا، وَنَقْصًا فِي اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا.
[فَصْلٌ وَقْتُ دَفْعِ الْكِسْوَةِ لِلزَّوْجَةِ]
(٦٤٦٩) فَصْلٌ: وَعَلَيْهِ دَفْعُ الْكِسْوَةِ إلَيْهَا فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً؛ لِأَنَّهَا الْعَادَةُ، وَيَكُونُ الدَّفْعُ إلَيْهَا فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْوُجُوبِ. فَإِنْ بَلِيَتْ الْكِسْوَةُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَبْلَى فِيهِ مِثْلُهَا، لَزِمَهُ أَنَّ يَدْفَعَ إلَيْهَا كِسْوَةً أُخْرَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَإِنْ بَلِيَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، لِكَثْرَةِ دُخُولِهَا وَخُرُوجِهَا أَوْ اسْتِعْمَالِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى الْكِسْوَةِ فِي الْعُرْفِ. وَإِنْ مَضَى الزَّمَانُ الَّذِي تَبْلَى فِي مِثْلِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ وَلَمْ تَبْلَ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْكِسْوَةِ. وَالثَّانِي، يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ دُونَ حَقِيقَةِ الْحَاجَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ بَلِيَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا.
وَلَوْ أُهْدِيَ إلَيْهَا كِسْوَةٌ، لَمْ تَسْقُطْ كِسْوَتُهَا. وَإِنْ أُهْدِيَ إلَيْهَا طَعَامٌ فَأَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ قُوتُهَا إلَى الْغَدِ، لَمْ يَسْقُطْ قُوتُهَا فِيهِ وَإِنْ كَسَاهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَبْلَى، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا لِلزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِيِّهِ، كَانَ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا، كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا نَفَقَةَ مُدَّةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا. وَالثَّانِي، لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْجَاعُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهَا الْكِسْوَةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا النَّفَقَةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَكْلِهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. (٦٤٧٠)
فَصْلٌ: وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهَا كِسْوَتَهَا، فَأَرَادَتْ بَيْعهَا، أَوْ التَّصَدُّقَ بِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا، أَوْ يُخِلُّ بِتَجَمُّلِهَا بِهَا، أَوْ بِسُتْرَتِهَا، لَمْ تَمْلِكْ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَرَادَتْ الصَّدَقَةَ بِقُوتِهَا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، احْتَمَلَ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهَا، فَأَشْبَهَتْ النَّفَقَةَ، وَاحْتَمَلَ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ لَهُ اسْتِرْجَاعَهَا لَوْ طَلَّقَهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، بِخِلَافِ النَّفَقَة. (٦٤٧١) فَصْلٌ: وَالذِّمِّيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْمَسْكَنِ وَالْكِسْوَةِ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِعُمُومِ النُّصُوصِ وَالْمَعْنَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute