[مَسْأَلَة غَسْلُ الرَّجُلَيْنِ إلَى الْكَعْبَيْنِ]
(١٧٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَاجِبٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ وَقَدَمَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى.
وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا غَسْلَتَيْنِ وَمَسْحَتَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ: اغْسِلُوا الْقَدَمَيْنِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا، وَخَلِّلُوا مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ابْنِ آدَمَ أَقْرَبَ إلَى الْخُبْثِ مِنْ قَدَمَيْهِ. فَقَالَ أَنَسٌ: صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ الْحَجَّاجُ. وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] .
وَحُكِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْوُضُوءُ مَغْسُولَانِ وَمَمْسُوحَانِ، فَالْمَمْسُوحَانِ يَسْقُطَانِ فِي التَّيَمُّمِ.
وَلَمْ نَعْلَمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُولُ بِالْمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَنْ ذَكَرْنَا، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ، وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَبِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ، فَصَبَّ عَلَى وَجْهِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أَخَذَ مِلْءَ كَفٍّ مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ.» رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَوْسُ بْنُ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ، أَنَّهُ رَأَى «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى كِظَامَةَ قَوْمٍ بِالطَّائِفِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ. قَالَ هُشَيْمٌ: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ.»
وَلَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، وَعُثْمَانَ، حَكَيَا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَا: فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: «ثُمَّ غَسَلَ كِلْتَا رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ: «ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ.»
وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ «حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا.» وَكَذَلِكَ قَالَتْ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. رَوَاهُنَّ سَعِيدٌ وَغَيْرُهُ. وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «، أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ، فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ مِنْ قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ. فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي، وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ. قَالَ الْأَثْرَمُ: ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ. قُلْت لَهُ: إسْنَادٌ جَيِّدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute