طَلْقَةً. أَوْ قَالَ: طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً. فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى سَوَاءً. وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِغَيْرِ وَاوٍ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً، لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا حَرْفٌ يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَكَوْنَ الطَّلْقَةِ الْأَخِيرَةِ مُفْرَدَةً عَمَّا قَبْلَهَا، فَيَعُودُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهَا وَحْدَهَا فَلَا يَصِحُّ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ. لَمْ يَصِحّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَادَ إلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهِ، فَهُوَ رَفْعٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنْ عَادَ إلَى الثَّلَاثِ الَّتِي يَمْلِكُهَا، فَهُوَ رَفْعٌ لِأَكْثَرِهَا، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يَجْعَلُ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَأَنَّ اسْتِثْنَاءَ النِّصْفِ يَصِحُّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعًا إلَّا اثْنَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً. احْتَمَلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ. وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَادَ إلَى الرَّابِعَةِ، فَقَدْ بَقِيَ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْوَاحِدَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْجَمِيعِ.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً]
(٥٩٠٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ اشْتَرَاكَ الْمَعْطُوفِ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَيَصِيرُ مُسْتَثْنِيًا لَثَلَاثٍ مِنْ ثَلَاثٍ. وَهَذَا وَجْهٌ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالثَّانِي، يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي طَلْقَةٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَقَلَّ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَيَلْغُو وَحْدَهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ اثْنَتَيْنِ، وَيَلْغُو فِي الثَّالِثَةِ؛ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ جَائِزٌ. وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً وَطَلْقَةً. فَفِيهِ الْوَجْهَانِ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا. احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ أَيْضًا؛ أَحَدُهُمَا، يَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يُكَمَّلُ، فَيَكُونُ مُسْتَثْنِيًا لِلْأَكْثَرِ، فَيَلْغُو. وَالثَّانِي، يَصِحُّ فِي طَلْقَةٍ، فَتَقَعُ طَلْقَتَانِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا. فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً. كَانَ عَاطِفًا الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى اسْتِثْنَاءٍ، فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ، وَيَلْغُو الثَّانِي؛ لِأَنَّنَا لَوْ صَحَّحْنَاهُ لَكَانَ مُسْتَثْنِيًا لِلْأَكْثَرِ، فَيَقَعُ بِهِ طَلْقَتَانِ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ أَنْ يَصِحَّ فِيهِمَا، فَتَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً، إلَّا وَاحِدَةً. كَانَ مُسْتَثْنِيًا مِنْ الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَاحِدَةً، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْغُوَ الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي، وَيَصِحَّ الْأَوَّلُ، فَيَقَعَ بِهِ طَلْقَتَانِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِهِ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ مَعْنَاهُ إثْبَاتُ طَلْقَةٍ فِي حَقِّهَا؛ لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا، فَيُقْبَلَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute