السَّبِيلَيْنِ، وَبِالْأُخْرَى سَائِرَ بَدَنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً حَامِلًا لَمْ يَعْصِرْ بَطْنَهَا، لِئَلَّا يُؤْذِيَ الْوَلَدَ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تُوُفِّيَتْ الْمَرْأَةُ، فَأَرَادُوا غَسْلَهَا، فَلْيَبْدَأْ بِبَطْنِهَا، فَلْيَمْسَحْ مَسْحًا رَفِيقًا إنْ لَمْ تَكُنْ حُبْلَى، فَإِنْ كَانَتْ حُبْلَى فَلَا يُحَرِّكْهَا.»
[مَسْأَلَةٌ يُوَضِّئ الْمَيِّت وُضُوءُهُ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَدْخُل الْمَاء فِي فِيهِ وَلَا فِي أَنْفه]
(١٥٠٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُوَضِّئُهُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَلَا يُدْخِلُ الْمَاءَ فِي فِيهِ، وَلَا فِي أَنْفِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذَى أَزَالَهُ بِخِرْقَةِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَنْجَاهُ، وَأَزَالَ عَنْهُ النَّجَاسَةَ، بَدَأَ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَضَّأَهُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، فَيَغْسِلُ كَفَّيْهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ خِرْقَةً خَشِنَةً فَيَبُلُّهَا وَيَجْعَلُهَا عَلَى أُصْبُعِهِ، فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَأَنْفَهُ، حَتَّى يُنَظِّفَهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي رِفْقٍ، ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ، وَيُتِمُّ وُضُوءَهُ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ يُبْدَأُ بِهِ فِي غُسْلِ الْحَيِّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ: «فَإِذَا فَرَغْتِ مِنْ غَسْلِ سُفْلَتِهَا غَسْلًا نَقِيًّا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، فَوَضِّئِيهَا وُضُوءَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْسِلِيهَا» وَلَا يُدْخِلُ الْمَاءَ فَاهُ، وَلَا مَنْخَرَيْهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. كَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُمَضْمِضُهُ وَيُنَشِّقُهُ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ. وَلَنَا، أَنَّ إدْخَالَ الْمَاءِ فَاهُ وَأَنْفَهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ وُصُولُهُ إلَى جَوْفِهِ، فَيُفْضِي إلَى الْمُثْلَةِ بِهِ، وَلَا يُؤْمَنُ خُرُوجُهُ فِي أَكْفَانِهِ.
[مَسْأَلَةٌ يَبْدَأ فِي غَسَلَ الْمَيِّت بِمَيَامِنِهِ وَيُقَلِّبهُ عَلَى جَنْبَيْهِ لِيَعُمّ الْمَاء سَائِر جِسْمه]
(١٥٠٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَيَبْدَأُ بِمَيَامِنِهِ، وَيَقْلِبُهُ عَلَى جَنْبَيْهِ، لِيَعُمَّ الْمَاءُ سَائِرَ جِسْمِهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَضَّأَهُ بَدَأَ بِغَسْلِ رَأْسِهِ، ثُمَّ لِحْيَتِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. فَيَضْرِبُ السِّدْرَ فَيَغْسِلُهُمَا بِرَغْوَتِهِ، وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ، وَيَغْسِلُ الْيَدَ الْيُمْنَى مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْكَفَّيْنِ وَصَفْحَةَ عُنُقِهِ الْيُمْنَى، وَشِقَّ صَدْرِهِ وَجَنْبَيْهِ وَفَخِذَهُ وَسَاقَهُ، يَغْسِلُ الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ، ثُمَّ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِالْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَلَا يَكُبُّهُ لِوَجْهِهِ، فَيَغْسِلُ الظَّهْرَ وَمَا هُنَاكَ مِنْ وَرِكِهِ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيُحَرِّفهُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْقَاضِي. وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا» . وَهُوَ أَشْبَهُ بِغُسْلِ الْحَيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute