وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ مِثْلُ ذَلِكَ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ، وَالْقُرْعَةُ لَا تَدْخُلُ فِي النِّكَاحِ، وَالْعِتْقَ حَلُّ الْمِلْكِ وَالْقُرْعَةُ تَدْخُلُ فِي تَمْيِيزِ الْأَمْلَاكِ قَالُوا: وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا: إنَّ مَا لَا يَصْلُحُ لِلتَّعْيِينِ فِي حَقِّ الْمَوْرُوثِ لَا يَصْلُحُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي زَوْجَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْإِمَاءَ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى الْمَوْرُوثِ تَحْرِيمًا لَا تُزِيلُهُ الْقُرْعَةُ فَلَمْ يُنَجَّزْ لِلْوَارِثِ بِهَا كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِيهِنَّ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا]
(٦٠٤٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَاتِهِ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ فَأُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُنَّ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ لَا بِعَيْنِهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ قَتَادَةُ وَمَالِكٌ: يَطْلُقْنَ جَمِيعًا وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ فَيُوقِعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إيقَاعَهُ ابْتِدَاءً وَتَعْيِينَهُ، فَإِذَا أَوْقَعَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ مَلَكَ تَعْيِينَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَا مَلَكَهُ
وَلَنَا أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَتَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ كَالْعِتْقِ وَقَدْ ثَبَتَ الْأَصْلُ؛ بِكَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَعَ بَيْنَ الْعَبِيدِ السِّتَّةِ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لِوَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَوَجَبَ تَعْيِينُهُ بِالْقُرْعَةِ كَالْحُرِّيَّةِ فِي الْعَبِيدِ إذَا أَعْتَقَهُمْ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَخْرُجَ جَمِيعُهُمْ مِنْ الثُّلْثِ وَكَالسَّفَرِ بِإِحْدَى نِسَائِهِ وَالْبِدَايَةِ بِإِحْدَاهُنَّ فِي الْقَسَمِ وَكَالشَّرِيكَيْنِ إذَا اقْتَسَمَا وَلِأَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا فَلَمْ يَمْلِكْ تَعْيِينَهَا بِاخْتِيَارِهِ كَالْمَنْسِيَّةِ، وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُنَّ لَا يَطْلُقْنَ جَمِيعًا؛ أَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَاحِدَةٍ فَلَمْ يُطَلِّقْ الْجَمِيعَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا
قَوْلُهُمْ: إنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ وَالتَّعْيِينَ قُلْنَا: مِلْكُهُ لِلتَّعْيِينِ بِالْإِيقَاعِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَمْلِكَهُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَأُنْسِيَهَا، وَأَمَّا إنْ نَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا بِنِيَّتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظِهِ وَإِنْ قَالَ: إنَّمَا أَرَدْت فُلَانَةَ قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَالتَّعْيِينِ أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ بَيْنَهُنَّ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهَا قُرْعَةُ الطَّلَاقِ فَحُكْمُهَا فِي الْمِيرَاثِ حُكْمُ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِالتَّطْلِيقِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِنِسَائِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ غَدًا فَجَاءَ غَدٌ]
(٦٠٤٣) فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ لِنِسَائِهِ: إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ غَدًا فَجَاءَ غَدٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَأُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ، فَإِنْ مَاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute