للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ عَاوَنَ فِي اصْطِيَادِهِ، فَأَشْبَهَ إذَا عَقَرَهُ. وَلَنَا، أَنَّ جَارِحَةَ الْمُسْلِمِ انْفَرَدَتْ بِقَتْلِهِ، فَأُبِيحَ، كَمَا لَوْ رَمَى الْمَجُوسِيُّ سَهْمَهُ فَرَدَّ الصَّيْدَ، فَأَصَابَهُ سَهْمُ مُسْلِمٍ، فَقَتَلَهُ، أَوْ أَمْسَكَ مَجُوسِيٌّ شَاةً فَذَبَحَهَا مُسْلِمٌ. وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا قَالَهُ.

[فَصْلٌ صَادَ الْمَجُوسِيُّ بِكَلْبِ مُسْلِمٍ]

(٧٧١٧) فَصْلٌ: وَإِذَا صَادَ الْمَجُوسِيُّ بِكَلْبِ مُسْلِمٍ، لَمْ يُبَحْ صَيْدُهُ. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَإِنْ صَادَ الْمُسْلِمُ، بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ، فَقَتَلَ، حَلَّ صَيْدُهُ. وَبِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَكَمُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا يُبَاحُ. وَكَرِهَهُ جَابِرٌ، وَالْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] . وَهَذَا لَمْ يُعَلِّمْهُ. وَعَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَرِهَ الصَّيْدَ بِكَلْبِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، لِهَذِهِ الْآيَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ آلَةٌ صَادَ بِهَا الْمُسْلِمُ، فَحَلَّ صَيْدُهُ، كَالْقَوْسِ وَالسَّهْمِ.

قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ شَفْرَتِهِ. وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى إبَاحَةِ الصَّيْدِ بِمَا عَلَّمْنَاهُ وَمَا عَلَّمَهُ غَيْرُنَا، فَهُوَ فِي مَعْنَاهُ، فَيَثْبُتُ الْحَكَمُ بِالْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ إنَّمَا أَثَّرَ فِي جَعْلِهِ آلَةً، وَلَا تُشْرَطُ الْأَهْلِيَّةُ فِي ذَلِكَ، كَعَمَلِ الْقَوْسِ وَالسَّهْمِ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَا أُقِيمَ مُقَامَ الذَّكَاةِ، وَهُوَ إرْسَالُ الْآلَةِ، مِنْ الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ، وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ هَاهُنَا.

[فَصْلٌ أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابًا وَسَمَّوْا فَوَجَدُوا الصَّيْدَ قَتِيلًا لَا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَهُ]

(٧٧١٨) فَصْلٌ: إذَا أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابًا، وَسَمَّوْا، فَوَجَدُوا الصَّيْدَ قَتِيلًا، لَا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَهُ، حَلَّ أَكْلُهُ. فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي قَاتِلِهِ، وَكَانَتْ الْكِلَابُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مُشْتَرِكَةٌ فِي إمْسَاكِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ فِي أَيْدِي الصَّيَّادِينَ أَوْ عَبِيدِهِمْ. وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مُتَعَلِّقًا بِهِ دُونَ بَاقِيهَا، فَهُوَ لِمَنْ كَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَعَلَى مَنْ حَكَمْنَا لَهُ بِهِ الْيَمِينُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُحْتَمِلَةٌ، فَكَانَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، كَصَاحِبِ الْيَدِ.

وَإِنْ كَانَ قَتِيلًا وَالْكِلَابُ نَاحِيَةً وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحُوا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ، وَكَانَ لَهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ. قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ تَدَاعَيَا دَابَّةً فِي يَدِ غَيْرِهِمَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ، إذَا خِيفَ فَسَادُهُ، قَبْلَ اصْطِلَاحِهِمْ عَلَيْهِ، بَاعُوهُ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى ثَمَنِهِ.

[مَسْأَلَةٌ سَمَّى وَرَمَى صَيْدًا فَأَصَابَتْ غَيْرَهُ]

مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا سَمَّى، وَرَمَى صَيْدًا، فَأَصَابَتْ، غَيْرَهُ، جَازَ أَكْلُهُ) وَجُمْلَة ذَلِكَ الْأَمْرِ، أَنَّ الصَّيْدَ بِالسِّهَامِ وَكُلِّ مُحَدَّدٍ جَائِزٌ، بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مُطْلَقِ قَوْله تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>