الْوَلَدِ، إلَّا أَنَّهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، فِي رِوَايَةٍ، فَيُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا لِلْبَيْعِ إنْ اخْتَارَ سَيِّدُهَا.
وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ، فَهَلْ يَفْدِيهَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ، أَوْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
[فَصْلٌ كَسَبَتْ أُمّ الْوَلَد بَعْدَ جِنَايَتِهَا شَيْئًا]
(٨٨٧٢) فَصْلٌ: وَإِنْ كَسَبَتْ بَعْدَ جِنَايَتِهَا شَيْئًا، فَهُوَ لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لَهُ دُونَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَلَدَتْ، فَهُوَ لِسَيِّدِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، فَأَشْبَهَ الْكَسْبَ. وَإِنْ فَدَاهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مُتَّصِلٌ بِهَا، فَأَشْبَهَ سِمَنَهَا. وَإِنْ أَتْلَفَهَا سَيِّدُهَا، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَقَّ غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَ الرَّهْنَ. وَإِنْ نَقَصَهَا، فَعَلَيْهِ نَقْصُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ الْعَيْنَ، ضَمِنَ أَجْزَاءَهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ جِنَايَات]
(٨٨٧٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ عَادَتْ فَجَنَتْ، فَدَاهَا، كَمَا وَصَفْت) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ جِنَايَاتٍ، لَمْ تَخْلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَاتُ كُلُّهَا قَبْلَ فِدَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ بَعْدَهُ؛ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْفِدَاءِ، تَعَلَّقَ أَرْشُ الْجَمِيعِ بِرَقَبَتِهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا كُلِّهَا إلَّا قِيمَتُهَا، أَوْ أَرْشُ جَمِيعِهَا، وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا، وَيَشْتَرِكُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ فِي الْوَاجِبِ لَهُمْ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا، وَإِلَّا تَحَاصُّوا فِيهِ بِقَدْرِ أُرُوشِ جِنَايَاتِهِمْ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بَعْدَ فِدَائِهَا مِنْ الْأُولَى، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهَا مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا، كَمَا فَدَى الْأُولَى. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَةً ثَانِيَةً: إذَا فَدَاهَا بِقِيمَتِهَا مَرَّةً، لَمْ يَلْزَمْهُ فِدَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا جَانِيَةٌ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فَدَاهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَضْمَنُهَا ثَانِيًا، وَيُشَارِكُ الثَّانِي الْأَوَّلَ فِيمَا أَخَذَهُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَاتُ قَبْلَ فِدَائِهَا.
وَلَنَا، أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ جَانِيَةٌ، فَلَزِمَهُ فِدَاؤُهَا، كَالْأُولَى، وَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْأَوَّلُ عِوَضُ جِنَايَتِهِ، أَخَذَهُ بِحَقٍّ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُشَارِكَهُ غَيْرُهُ فِيهِ، كَأَرْشِ جِنَايَةِ الْحُرِّ، أَوْ الرَّقِيقِ الْقِنِّ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَات تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى وَاحِدٍ. (٨٨٧٤) فَصْلٌ: فَإِنْ أَبْرَأَ بَعْضُهُمْ مِنْ حَقِّهِ، تَوَفَّرَ الْوَاجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ، إذَا كَانَتْ كُلُّهَا قَبْلَ الْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْمَعْفُوُّ عَنْهَا بَعْدَ فِدَائِهِ، تَوَفَّرَ أَرْشُهَا عَلَى سَيِّدِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَإِلَيْهَا]
(٨٨٧٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَإِلَيْهَا جَائِزَةٌ) أَمَّا الْوَصِيَّةُ لَهَا، فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ إلَيْهَا، فَجَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا فِي حَالِ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ حُرَّةٌ، فَأَشْبَهَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute