وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَلِطَانِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يُعْتَدَّ بِخَلْطَتِهِ، وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي، أَنَّهُ اشْتَرَطَهَا. وَلَنَا، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ» .
وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْخُلْطَةِ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِي حُكْمِهَا، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخُلْطَةِ مِنْ الِارْتِفَاقِ يَحْصُلُ بِدُونِهَا، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ وُجُودُهَا مَعَهُ، كَمَا لَا تَتَغَيَّرُ نِيَّةُ السَّوْمِ فِي الْإِسَامَةِ، وَلَا نِيَّةُ السَّقْيِ فِي الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَلَا نِيَّةُ مُضِيِّ الْحَوْلِ فِيمَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ فِيهِ.
[فَصْلُ زَكَاة خُلْطَةِ الْأَنْعَام]
(١٧٢٥) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَالِ الرَّجُلِ مُخْتَلِطًا، وَبَعْضُهُ مُنْفَرِدًا، أَوْ مُخْتَلِطًا مَعَ مَالٍ لِرَجِلٍ آخَرَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَصِيرُ مَالُهُ كُلُّهُ كَالْمُخْتَلِطِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْخُلْطَةِ نِصَابًا، فَإِنْ كَانَ دُونَ النِّصَابِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهَا، فَلَوْ كَانَ لِرَجِلٍ سِتُّونَ شَاةً، مِنْهَا عِشْرُونَ مُخْتَلِطَةٌ مَعَ عِشْرِينَ لِرَجِلٍ آخَرَ، وَجَبَ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، رُبْعُهَا عَلَى صَاحِبِ الْعِشْرِينَ، وَبَاقِيهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ؛ لِأَنَّنَا لَمَّا ضَمَمْنَا مِلْكَ صَاحِبِ السِّتِّينَ صَارَ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ كَالْمُخَالِطِ لِسِتِّينَ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ ثَمَانِينَ، عَلَيْهَا شَاةٌ بِالْحِصَصِ.
وَلَوْ كَانَ لِصَاحِبِ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ خُلَطَاءَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعِشْرِينَ، وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ، نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ، وَنِصْفُهَا عَلَى الْخُلَطَاءِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سُدْسُ شَاةٍ. وَلَوْ كَانَ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ، فَخَالَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِعِشْرِينَ فَقَطْ، وَجَبَ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. فَإِنْ اخْتَلَطَا فِي أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ، لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حُكْمُ الْخُلْطَةِ، وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ كَامِلَةٌ. وَإِنْ اخْتَلَطَا فِي أَرْبَعِينَ، لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ، وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ، ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الْخُلْطَةِ لِوُجُودِهَا فِي نِصَابٍ كَامِلٍ.
(١٧٢٦) فَصْلٌ: وَيُعْتَبَرُ اخْتِلَاطُهُمْ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ، فَإِنْ ثَبَتَ لَهُمْ حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِهِ زَكَّوْا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِينَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ. وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُعْتَبَرُ اخْتِلَاطُهُمْ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» . يَعْنِي فِي وَقْتِ أَخْذِ الزَّكَاةِ. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا مَالٌ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِانْفِرَادِ، فَكَانَتْ زَكَاتُهُ زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُجْتَمِعِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمَتَى كَانَ لِرَجُلَيْنِ ثَمَانُونَ شَاةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَانَا مُنْفَرِدَيْنِ، فَاخْتَلَطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ، وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ السِّنِينَ يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، فَإِنْ اتَّفَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute