[فَصْلٌ خَبَّازٌ خَبَزَ خُبْزًا فَبَاعَ مِنْهُ ثُمَّ نَظَرَ فِي الْمَاءِ الَّذِي عَجَنَ مِنْهُ فَإِذَا فِيهِ فَأْرَةٌ]
فَصْلٌ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ خَبَّازٍ خَبَزَ خُبْزًا، فَبَاعَ مِنْهُ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْمَاءِ الَّذِي عَجَنَ مِنْهُ، فَإِذَا فِيهِ فَأْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَا يَبِيعُ الْخُبْزَ مِنْ أَحَدٍ، وَإِنْ بَاعَهُ اسْتَرَدَّهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ، تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، وَيُطْعِمُهُ مِنْ الدَّوَابِّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا يُطْعِمُ مَا يُؤْكَلُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ إذَا أَطْعَمَهُ لَمْ يُذْبَحْ حَتَّى يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. عَلَى مَعْنَى الْجَلَّالَةِ. قِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ؟» . قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ، إنَّمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ. قِيلَ لَهُ: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِ الْحَجَّامِ، يُطْعَمُ النَّاضِحَ وَالرَّقِيقَ؟ قَالَ: هَذَا أَشَدُّ عِنْدِي، لَا يُطْعَمُ الرَّقِيقَ، لَكِنْ يَعْلِفُهُ الْبَهَائِمَ. قِيلَ لَهُ: أَيْنَ الْحُجَّةُ؟ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ قَوْمًا اخْتَبَزُوا مِنْ آبَارِ الَّذِينَ مُسِخُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَطْعِمُوهُ النَّوَاضِحَ» .
(٧٨٣٧) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى أَنْ يُطْعِمَ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ الْمَيْتَةَ، وَلَا الطَّيْرَ الْمُعَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ يَضْرِيهِ عَلَى الْمَيْتَةِ، فَإِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ، فَلَا أَرَى صَاحِبَهُ حَرِجًا.
وَلَعَلَّ أَحْمَدَ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ إذَا صَادَ وَقَتَلَ أَكَلَ مِنْهُ، لِتَضْرِيَتِهِ بِإِطْعَامِهِ الْمَيْتَةَ. وَلَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ إطْعَامَ كَلْبِهِ وَطَيْرِهِ الْمَيْتَةَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ، إذَا كَانَ لَا يَشْرَبُ فِي إنَائِهِ.
[فَصْلٌ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ الطِّينِ]
(٧٨٣٨) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ أَكْلَ الطِّينِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ، إلَّا أَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَدَنِ، وَيُقَالُ: إنَّهُ رَدِيءٌ، وَتَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ أَكْلِهِ. وَإِنَّمَا كَرِهَهُ أَحْمَدُ لِأَجْلِ مَضَرَّتِهِ. فَإِنْ كَانَ مِنْهُ مَا يُتَدَاوَى بِهِ كَالطِّينِ، الْأَرْمَنِيِّ، فَلَا يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ وَلَا نَفْعَ، كَالشَّيْءِ الْيَسِيرِ، جَازَ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ كُرِهَ مَا يَضُرُّ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هَاهُنَا، فَلَمْ يُكْرَهْ.
[فَصْلٌ حُكْمُ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ وَالْفُجْلِ]
(٧٨٣٩) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ أَكْلُ الْبَصَلِ، وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ، وَالْفُجْلِ، وَكُلِّ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ، مِنْ أَجْلِ رَائِحَتِهِ، سَوَاءٌ أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يُرِدْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ النَّاسُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَإِنْ أَكَلَهُ لَمْ يَقْرَبْ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute