لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهَا.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَوَّلُ مَنْ صُنِعَ لَهَا ذَلِكَ بِأَمْرِهَا.
[مَسْأَلَةٌ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ]
(١٦٥١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ) لَا نَعْلَمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، إلَّا أَنَّ الثَّوْرِيَّ قَالَ: لَا تُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ بَعْدَ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ. وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ.» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، فِي " سُنَنِهِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْن عَمْرو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ، إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.» وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَزَّى ثَكْلَى، كُسِيَ بُرْدًا فِي الْجَنَّةِ.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ. وَالْمَقْصُودُ بِالتَّعْزِيَةِ تَسْلِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ، وَقَضَاءُ حُقُوقِهِمْ، وَالتَّقَرُّبُ إلَيْهِمْ، وَالْحَاجَةُ إلَيْهَا بَعْدَ الدَّفْنِ كَالْحَاجَةِ إلَيْهَا قَبْلَهُ.
[فَصْل تَعْزِيَةُ جَمِيعِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ كِبَارِهِمْ وَصِغَارِهِمْ]
(١٦٥٢) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ جَمِيعِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ، كِبَارِهِمْ وَصِغَارِهِمْ، وَيَخُصُّ خِيَارَهُمْ، وَالْمَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ بَيْنِهِمْ؛ لِيَسْتَنَّ بِهِ غَيْرُهُ، وَذَا الضَّعْفِ مِنْهُمْ عَنْ تَحَمُّلِ الْمُصِيبَةِ، لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا، وَلَا يُعَزِّي الرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ شَوَابَّ النِّسَاءِ؛ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ.
[فَصْلٌ لَا نَعْلَمُ فِي التَّعْزِيَةِ شَيْئًا مَحْدُودًا]
(١٦٥٣) فَصْلٌ: وَلَا نَعْلَمُ فِي التَّعْزِيَةِ شَيْئًا مَحْدُودًا، إلَّا أَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَزَّى رَجُلًا، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ وَآجَرَكَ.» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَعَزَّى أَحْمَدُ أَبَا طَالِبٍ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكُمْ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا عَزَّى مُسْلِمًا بِمُسْلِمٍ قَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاك، وَرَحِمَ اللَّهُ مَيِّتَك. وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ مَا رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَتْ التَّعْزِيَةُ، سَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ، فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ.» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، فِي " مُسْنَدِهِ "
وَإِنْ عَزَّى مُسْلِمًا بِكَافِرٍ، قَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك.