- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَبْلِ وَأَشْبَاهِهِ، يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ» . وَالْحَبْلُ قَدْ يَكُونُ قِيمَتُهُ دَرَاهِم
وَعَنْ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: خَرَجْت مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْعُذَيْبِ، الْتَقَطْت سَوْطًا، فَقَالَا لِي: أَلْقِهِ. فَأَبَيْت، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، أَتَيْت أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَصَبْت. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ كَالْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ. وَلَنَا عَلَى إبْطَالِ تَحْدِيدِهِ بِمَا ذَكَرُوهُ، أَنَّ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَامٌّ فِي كُلِّ لُقَطَةٍ، فَيَجِبُ إبْقَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ، إلَّا مَا خَرَجَ مِنْهُ بِالدَّلِيلِ، وَلَمْ يَرِدْ بِمَا ذَكَرُوهُ نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ
وَلِأَنَّ التَّحْدِيدَ وَالتَّقْدِيرَ لَا يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ، فَهُوَ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ: طُرُقُهُ كُلُّهَا مُضْطَرِبَةٌ. ثُمَّ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِمْ وَلِسَائِرِ الْمَذَاهِبِ، فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ غَيْرِ اللُّقَطَةِ، إمَّا لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا إلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، لَا يُدْرَى كَمْ قَدْرُ الْخَاتَمِ، ثُمَّ هُوَ قَوْلُ صَحَابِيٍّ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ، وَهُمْ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ حُجَّةً، وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ فِيهَا تَقْدِيرٌ، لَكِنْ يُبَاحُ أَخْذُ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَصَّ فِي أَخْذِهِ مِنْ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَبْلِ، وَمَا قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ ذَلِكَ
وَقَدَّرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ فِي كِتَابِهِ بِمَا دُونَ الْقِيرَاطِ، وَلَا يَصِحُّ تَحْدِيدُهُ لِمَا ذَكَرْنَا.
[فَصْلٌ أَخَّرَ تَعْرِيفَ اللُّقَطَةِ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ مَعَ إمْكَانِهِ]
(٤٥٠١) فَصْلٌ: إذَا أَخَّرَ التَّعْرِيفَ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، مَعَ إمْكَانِهِ أَثِمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ فِيهِ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ: «لَا يَكْتُمُ وَلَا يُغَيِّبُ» . وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى أَنْ لَا يَعْرِفَهَا صَاحِبُهَا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بَعْدَ الْحَوْلِ يَيْأَسُ مِنْهَا، وَيَسْلُو عَنْهَا، وَيَتْرُكُ طَلَبِهَا. وَيَسْقُطُ التَّعْرِيفُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، فِي الْمَنْصُوصِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ التَّعْرِيفِ لَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ
وَإِنْ تَرَكَهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، عَرَّفَ بَقِيَّتَهُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَسْقُطَ التَّعْرِيفُ بِتَأَخُّرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، فَلَا يَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ، كَالْعِبَادَاتِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ. وَلِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْقُصُورِ، فَيَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»
فَعَلَى هَذَا إنْ أَخَّرَ التَّعْرِيفَ بَعْضَ الْحَوْلِ، أَتَى بِالتَّعْرِيفِ فِي بَقِيَّتِهِ، وَأَتَمَّهُ مِنْ الْحَوْلِ الثَّانِي. وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا أَوْ يَحْبِسَهَا عِنْدَهُ أَبَدًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute