للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» . قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ: مَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْجِيرَانُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ إنْ جَمَعَهُمْ مَسْجِدٌ، فَإِنْ تَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ فِي مَسْجِدَيْنِ صَغِيرَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ، فَالْجَمِيعُ جِيرَانٌ، وَإِنْ كَانَا عَظِيمَيْنِ، فَكُلُّ أَهْلِ مَسْجِدٍ جِيرَانٌ، وَأَمَّا الْأَمْصَارُ الَّتِي فِيهَا الْقَبَائِلُ، فَالْجِوَارُ عَلَى الْأَفْخَاذِ. وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْجَارُ أَرْبَعُونَ دَارًا، هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» . وَهَذَا نَصٌّ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إنْ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُت الْخَبَرُ، فَالْجَارُ هُوَ الْمُقَارِبُ، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ.

(٤٧٥٤) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ دَرْبِهِ أَوْ سِكَّتِهِ، فَهُمْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ طَرِيقُهُمْ فِي دَرْبِهِ.

[فَصْلٌ وَصَّى لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ]

(٤٧٥٥) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى لِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ، فَهُمْ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنُ الْوَصِيَّةِ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِثَمَانِ قَبَائِلَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ، حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ، أَنَّ آيَةَ الزَّكَاةِ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ مَنْ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ مَنْ يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ. وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُمْ. وَحُكِيَ هَذَا عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً ثَانِيَةً عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَأَصْلُ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الزَّكَاةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. وَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَّا إلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَإِنْ وَصَّى لِلْفُقَرَاءِ وَحْدَهُمْ، دَخَلَ فِيهِ الْمَسَاكِينُ. وَإِنْ أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ دَخَلَ فِيهِ الْفُقَرَاءُ؛ لِأَنَّهُمْ صِنْفٌ وَاحِدٌ فِيمَا عَدَا الزَّكَاةِ، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا. وَيُسْتَحَبُّ تَعْمِيمُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَالدَّفْعُ إلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالْبِدَايَةُ بِأَقَارِبِ الْمُوصِي، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ.

[فَصْلٌ أَوْصَى بِشَيْءِ لِزَيْدِ وَلِلْمَسَاكِينِ]

(٤٧٥٦) فَصْلٌ: وَإِنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَلِلْمَسَاكِينِ، فَلِزَيْدٍ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لِزَيْدٍ ثُلُثُهُ، وَلِلْمَسَاكِينِ ثُلُثَاهُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَكُونُ كَأَحَدِهِمْ، إنْ عَمَّهُمْ أَعْطَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>