للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ، حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْمُوصَى لَهُ سَنَةً فَإِنْ، أَرَادَ الْوَرَثَةُ بَيْعَ الْعَبْدِ، بِيعَ عَلَى هَذَا. وَلَنَا، أَنَّهَا وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَوَجَبَ تَنْفِيذُهَا عَلَى صِفَتِهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مِنْهَا، كَسَائِرِ الْوَصَايَا، أَوْ كَالْأَعْيَانِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمَتَى أُرِيدَ تَقْوِيمُهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةً بِمُدَّةٍ، قُوِّمَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ تُقَوَّمُ الْمَنْفَعَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيُنْظَرُ؛ كَمْ قِيمَتُهَا. وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقَةً فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ، فَقَدْ قِيلَ: تُقَوَّمُ الرَّقَبَةُ بِمَنْفَعَتِهَا جَمِيعًا، وَيُعْتَبَرُ خُرُوجُهَا مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ عَبْدًا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ، وَشَجَرًا لَا ثَمَرَ لَهُ، لَا قِيمَةَ لَهُ غَالِبًا. وَقِيلَ: تُقَوَّمُ الرَّقَبَةُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَالْمَنْفَعَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ. وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ الْعَبْدُ بِمَنْفَعَتِهِ، فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ مِائَةٌ. قِيلَ: كَمْ قِيمَتُهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ؟ فَإِذَا قِيلَ: عَشَرَةٌ. عَلِمْنَا أَنَّ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ تِسْعُونَ.

[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ إجَارَةَ الْعَبْدِ أَوْ الدَّارِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِنَفْعِهَا]

(٤٦٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ إجَارَةَ الْعَبْدِ أَوْ الدَّارِ، فِي الْمُدَّةِ الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِنَفْعِهَا، جَازَ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى لَهُ بِاسْتِيفَائِهِ. وَلَنَا، أَنَّهَا مَنْفَعَةٌ يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا، فَمَلَكَ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهَا بِالْأَعْيَانِ، كَمَا لَوْ مَلَكَهَا بِالْإِجَارَةِ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُوصَى لَهُ إخْرَاجَ الْعَبْدِ عَنْ الْبَلَدِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُخْرِجُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ، فَيُخْرِجَهُ إلَى أَهْلِهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْعِهِ، فَمَلَكَ إخْرَاجَهُ، كَالْمُسْتَأْجِرِ.

[فَصْلٌ أَوْصَى لَهُ بِثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُدَّةً أَوْ بِمَا يُثْمِرُ أَبَدًا]

(٤٦٦٩) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُدَّةً، أَوْ بِمَا يُثْمِرُ أَبَدًا، لَمْ يَمْلِكْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثُ إجْبَارَ الْآخَرِ عَلَى سَقْيِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَقْيِ مِلْكِهِ، وَلَا سَقْيِ مِلْكِ غَيْرِهِ. وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَقْيَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِصَاحِبِهِ، لَمْ يَمْلِكْ الْآخَرُ مَنْعَهُ. وَإِذَا يَبِسَتْ الشَّجَرَةُ، كَانَ حَطَبُهَا لِلْوَارِثِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِثَمَرَتِهَا سَنَةً بِعَيْنِهَا، فَلَمْ تَحْمِلْ تِلْكَ السَّنَةَ، فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ. وَإِنْ قَالَ: لَك ثَمَرَتُهَا أُولَ عَامٍ تُثْمِرُ. صَحَّ، وَلَهُ ثَمَرَتُهَا أُولَ عَامٍ تُثْمِرُ. وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لَهُ بِمَا تَحْمِلُ جَارِيَتُهُ أَوْ شَاتُهُ. وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِشَجَرَةٍ، وَلِآخَرَ بِثَمَرَتِهَا، صَحَّ، وَكَانَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ قَائِمًا مَقَامَ الْوَارِثِ، وَلَهُ مَالَهُ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِلَبَنِ شَاةٍ وَصُوفِهَا، صَحَّ، كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ. وَإِنْ وَصَّى بِلَبَنِهَا خَاصَّةً، أَوْ صُوفِهَا خَاصَّةً، صَحَّ، وَيُقَوَّمُ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الْعَيْنِ.

[فَصْل نَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَسَائِرُ الْحَيَوَانَات الْمُوصَى بِنَفْعِهَا]

(٤٦٧٠) فَصْلٌ: فَأَمَّا نَفَقَةُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ، وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ. هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>