بِرِدَّتِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ فَعَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، كَمَا يَفْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ.
[مَسْأَلَةٌ ذَبِيحَة الْمُرْتَدِّ حَرَامٌ]
(٧٠٩٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَذَبِيحَةُ الْمُرْتَدِّ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إنْ تَدَيَّنَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُ. وَيُحْكَى ذَلِكَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا فَهُوَ مِنْهُمْ. وَلَنَا، أَنَّهُ كَافِرٌ، لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ، فَلَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ، كَالْوَثَنِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا تَدَيَّنَ بَدِينِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَا يُسْتَرَقُّ. وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ: فَهُوَ مِنْهُمْ. فَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى حِلَّ ذَبَائِحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَلَا نِكَاحِ نِسَائِهِمْ، مَعَ تَوْلِيَتِهِمْ لِلنَّصَارَى، وَدُخُولِهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَمَعَ إقْرَارِهِمْ بِمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، فَلَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ ذَلِكَ فِي الْمُرْتَدِّينَ أَوْلَى. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا ذَبَحَ حَيَوَانًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ، وَحَرَّمَهُ، وَإِنْ ذَبَحَهُ بِإِذْنِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي إتْلَافِهِ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَالصَّبِيّ إذَا كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ فَهُوَ مُسْلِمٌ]
(٧١٠٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالصَّبِيُّ إذَا كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ، وَعَقَلَ الْإِسْلَامَ، فَأَسْلَمَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ يَصِحُّ إسْلَامُهُ فِي الْجُمْلَةِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَاهُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو أَيُّوبَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَزُفَرُ: لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ حَتَّى يَبْلُغَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ» . حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ تَثْبُتُ بِهِ الْأَحْكَامُ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ الصَّبِيِّ كَالْهِبَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَحْدُ مَنْ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْهُ، فَلَمْ يَصِحَّ إسْلَامُهُ، كَالْمَجْنُونِ، وَالنَّائِمِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ، أَشْبَهَ الطِّفْلَ.
وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. دَخَلَ الْجَنَّةَ» . وَقَوْلِهِ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute