للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ سَكَتَتْ عَنْ الْمُطَالَبَةِ، ثُمَّ طَالَبَتْ بَعْدُ، فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا يَثْبُتُ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَمْ يَسْقُطْ بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ، كَاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ.

[فَصْلٌ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ الِاسْتِيلَاء]

(٦١٣٧) فَصْلٌ: وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ، سَوَاءٌ عَفَا السَّيِّدُ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْفُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا، حَيْثُ كَانَ الِاسْتِمْتَاعُ يَحْصُلُ لَهَا. فَإِنْ تَرَكَتْ الْمُطَالَبَةَ، لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهَا الطَّلَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ: حَقُّهُ فِي الْوَلَدِ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ الْعَزْلُ عَنْهَا إلَّا بِإِذْنِهِ. قُلْنَا: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الزَّوْجِ اسْتِيلَادُ الْمَرْأَةِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لِيَعْزِلَنَّ عَنْهَا أَوْ لَا يَسْتَوْلِدُهَا، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَلَوْ أَنَّ الْمُولِيَ وَطِئَ بِحَيْثُ يُوجَدُ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ، حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ، وَزَالَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ، وَإِنَّمَا اُسْتُؤْذِنَ السَّيِّدُ فِي الْعَزْلِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْأَمَةِ، فَرُبَّمَا نَقَصَ قِيمَتَهَا.

[فَصْل كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً فِي الْإِيلَاء]

(٦١٣٨) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً، فَلَيْسَ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِمَا الْمُطَالَبَةُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا طَرِيقَهُ الشَّهْوَةُ، فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُمَا مَقَامَهُمَا فِيهِ. فَإِنْ كَانَتَا مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُمَا، لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَتِهِمَا. وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُمَا مُمْكِنًا. فَإِنْ أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ، أَوْ بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ، قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، تَمَّمَتْ الْمُدَّةَ، ثُمَّ لَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَلَهُمَا الْمُطَالَبَةُ يَوْمئِذٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا ثَابِتٌ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُطَالَبَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَبْلُغَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُضْرَبُ الْمُدَّةُ، سَوَاءٌ أَمْكَنَ الْوَطْءُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الْوَطْءُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَاءَ بِلِسَانِهِ، وَإِلَّا بَانَتْ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي النَّاشِزِ، وَالرَّتْقَاءِ، وَالْقَرْنَاءُ، وَاَلَّتِي غَابَتْ فِي الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا إيلَاءٌ صَحِيحٌ، فَوَجَبَ أَنْ تَتَعَقَّبَهُ الْمُدَّةُ، كَالَّتِي يُمْكِنُهُ جِمَاعُهَا. وَلَنَا أَنَّ حَقَّهَا مِنْ الْوَطْءِ يَسْقُطُ بِتَعَذُّرِ جِمَاعِهَا، فَوَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ لَهُ، كَمَا يَسْقُطُ أَجَلُ الدَّيْنِ بِسُقُوطِهِ. وَأَمَّا الَّتِي أَمْكَنَهُ جِمَاعُهَا، فَتُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ فِي حَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ إيلَاءٌ صَحِيحٌ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ جِمَاعُهَا، فَتُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ كَالْبَالِغَةِ، وَمَتَى قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِهَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ أَثِمَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِمَّا أَنْ تَفِيئَ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] . وَقَالَ تَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] . وَلَيْسَ الْإِضْرَارُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ.

[مَسْأَلَة الْفَيْئَةُ مِنْ الْمُولِي]

(٦١٣٩) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَالْفَيْئَةُ: الْجِمَاعُ) لَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ الْجِمَاعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>