للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة سَهْم الرَّاجِل]

(٧٥٠٠) قَالَ: (وَيُعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا) لَا خِلَافَ فِي أَنَّ لِلرَّاجِلِ سَهْمًا. وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّ الرَّاجِلَ يَحْتَاجُ إلَى أَقَلَّ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفَارِسُ، وَغَنَاؤُهُ دُونَ غَنَائِهِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ سَهْمُهُ دُونَ سَهْمِهِ. (٧٥٠١) فَصْلٌ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْغَنِيمَةُ مِنْ فَتْحِ حِصْنٍ، أَوْ مِنْ مَدِينَةٍ، أَوْ مِنْ جَيْشٍ.

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْت الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ إسْهَامِ الْخَيْلِ مِنْ غَنَائِمِ الْحُصُونِ. فَقَالَ: كَانَتْ الْوُلَاةُ مِنْ قَبْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، الْوَلِيدُ وَسُلَيْمَانُ، لَا يُسْهِمُونَ الْخَيْلَ مِنْ الْحُصُونِ، وَيَجْعَلُونَ النَّاسَ كُلَّهُمْ رَجَّالَةً، حَتَّى وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِسْهَامِهَا مِنْ فَتْحِ الْحُصُونِ وَالْمَدَائِنِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ غَنَائِمَ خَيْبَرَ؛ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ. وَهِيَ حُصُونٌ، وَلِأَنَّ الْخَيْلَ رُبَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا، بِأَنْ يَنْزِلَ أَهْلُ الْحِصْنِ، فَيُقَاتِلُوا خَارِجًا مِنْهُ، وَيَلْزَمُ صَاحِبَهُ مُؤْنَةٌ لَهُ، فَيُقْسَمُ لَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ حِصْنٍ.

[مَسْأَلَة وَيُرْضَخُ لِلْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ مِنْ الْغَنِيمَة]

(٧٥٠٢) قَالَ: (وَيُرْضَخُ لِلْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ دُونَ السَّهْمِ، وَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ سَهْمٌ كَامِلٌ، وَلَا تَقْدِيرَ لِمَا يُعْطُونَهُ، بَلْ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَإِنْ رَأَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمْ، وَإِنْ رَأَى التَّفْضِيلَ فَضَّلَ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ عَبِيدٌ، فَضَرَبَ لَهُمْ سِهَامَهُمْ. وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الْعَبْدِ فِي الدِّينِ كَحُرْمَةِ الْحُرِّ، وَفِيهِ مِنْ الْغَنَاءِ مِثْلُ مَا فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ، كَالْحُرِّ.

وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ: لَيْسَ لِلْعَبِيدِ سَهْمٌ وَلَا رَضْخٌ، إلَّا أَنْ يَجِيئُوا بِغَنِيمَةٍ، أَوْ يَكُونَ لَهُمْ غَنَاءٌ، فَيُرْضَخَ لَهُمْ. قَالَ: وَيُسْهَمُ لِلْمَرْأَةِ؛ لِمَا رَوَى جَرِيرُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّهَا حَضَرَتْ فَتْحَ خَيْبَرَ، قَالَتْ: فَأَسْهَمَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَسْهَمَ لِلرِّجَالِ. وَأَسْهَمَ أَبُو مُوسَى فِي غَزْوَةِ تُسْتَرَ لِنِسْوَةٍ مَعَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَسْهَمْنَ النِّسَاءُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ شِبْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>