«أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ لِسَهْلَةَ بِنْتِ عَاصِمٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِسَهْمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أُعْطِيت سَهْلَةُ مِثْلَ سَهْمِي» .
وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا سَهْمٌ، فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْمَمْلُوكِ يَحْضُرَانِ الْفَتْحَ، أَلَهُمَا مِنْ الْمَغْنَمِ شَيْءٌ؟ قَالَ يُحْذَيَانِ، وَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: لَيْسَ لَهُمَا سَهْمٌ، وَقَدْ يُرْضَخُ لَهُمَا. وَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ شَهِدْت خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدَ، وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، فَلَمْ يُسْهَمْ لَهُمَا، كَالصَّبِيِّ. قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: " نَعَمْ، جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ؛ الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ ". وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:
كُتِبَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ عَلَيْنَا ... وَعَلَى الْمُحْصَنَاتِ جَرُّ الذُّيُولِ
وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ ضَعِيفَةٌ، يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا الْخَوَرُ، فَلَا تَصْلُحُ لِلْقِتَالِ، وَلِهَذَا لَمْ تُقْتَلْ إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً. فَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي إسْهَامِ النِّسَاءِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الرَّاوِيَ سَمَّى الرَّضْخَ سَهْمًا، بِدَلِيلِ أَنَّ فِي حَدِيثِ حَشْرَجٍ، أَنَّهُ جَعَلَ لَهُنَّ نَصِيبًا تَمْرًا.
وَلَوْ كَانَ سَهْمًا، مَا اخْتَصَّ التَّمْرَ، وَلِأَنَّ خَيْبَرَ قُسِمَتْ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، نَفَرٍ مَعْدُودِينَ فِي غَيْرِ حَدِيثِهَا، وَلَمْ يُذْكَرْنَ مِنْهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَسْهَمَ لَهُنَّ مِثْلَ سِهَامِ الرِّجَالِ مِنْ التَّمْرِ خَاصَّةً، أَوْ مِنْ الْمَتَاعِ دُونَ الْأَرْضِ. وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلَةَ، فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا وَلَدَتْ، فَأَعْطَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا وَلِوَلَدِهَا، فَبَلَغَ رَضْخُهُمَا سَهْمَ رَجُلٍ، وَلِذَلِكَ عَجِبَ الرَّجُلُ الَّذِي قَالَ: أُعْطِيت سَهْلَةُ مِثْلَ سَهْمِي.
وَلَوْ كَانَ هَذَا مَشْهُورًا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَجِبَ مِنْهُ.
(٧٥٠٣) فَصْلٌ: وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمَكَاتِبُ، كَالْقِنِّ؛ لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ. فَإِنْ عَتَقَ مِنْهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ أُسْهِمَ لَهُمْ. وَكَذَلِكَ إنْ قُتِلَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، عَتَقَ، وَأُسْهِمَ لَهُ.
وَأَمَّا مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute