حُرِّيَّتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهَا. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ رَقِيقًا وَلَا كَافِرًا، فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، وَعَدَمُ مَا سِوَاهُمَا.
[فَصْل أَسْلَمَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي غُرَّةِ شَعْبَانَ وَأَسْلَمَ الْآخَرُ فِي غُرَّةِ رَمَضَان وَاخْتَلَفَا فِي مَوْتِ أَبِيهِمَا هَلْ فِي شَعْبَان أُمّ فِي رَمَضَان]
(٨٥٤٩) فَصْلٌ: وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي غُرَّةِ شَعْبَانَ، وَأَسْلَمَ الْآخَرُ فِي غُرَّةِ رَمَضَانَ، وَاخْتَلَفَا فِي مَوْتِ أَبِيهِمَا، فَقَالَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا: مَاتَ فِي شَعْبَانَ فَوَرِثْته وَحْدِي. وَقَالَ الْآخَرُ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ زَوَالُهَا، فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا يَتَعَارَضَانِ، وَالثَّانِي، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مَوْتِهِ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ مَوْتَهُ فِي شَعْبَانَ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يُخْفِيَ ذَلِكَ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى.
[فَصْل اخْتَلَفَا فِي دَارٍ فَادَّعَى كُلّ مِنْهُمَا أَنَّهُ ورثها وَكَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا]
(٨٥٥٠) فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي دَارٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا، أَنَّ هَذِهِ دَارِي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهَا دَارُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ. وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَخًا لِلْآخَرِ، وَكَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَإِنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا، فَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمَا تَعَارَضَتَا، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي مِثْلِهَا.
[مَسْأَلَة قَالَ زَوْجُهَا مَاتَتْ قَبْلَ ابْنِهَا فَوَرِثْنَاهَا ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْته وَقَالَ أَخُوهَا مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا]
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا فَقَالَ زَوْجُهَا: مَاتَتْ قَبْلَ ابْنِهَا، فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي، فَوَرِثْته. وَقَالَ أَخُوهَا مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَكَانَ مِيرَاثُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ جَمَاعَةٌ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَاخْتَلَفَ الْأَحْيَاءُ مِنْ وَرَثَتِهِمْ فِي أَسْبَقِهِمْ بِالْمَوْتِ كَامْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا، فَقَالَ الزَّوْجُ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا، فَصَارَ مِيرَاثُهَا كُلُّهُ لِي وَلِابْنِي، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَصَارَ مِيرَاثُهُ لِي.
وَقَالَ أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا أَوَّلًا فَوَرِثَتْ ثُلُثَ مَالِهِ، ثُمَّ مَاتَتْ فَكَانَ مِيرَاثُهَا بَيْنِي وَبَيْنَك نِصْفَيْنِ. حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَجَعَلْنَا مِيرَاثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ دُونَ مَنْ مَاتَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الْحَيِّ مِنْ مَوْرُوثِهِ مَوْجُودٌ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ لِبَقَاءِ مَوْرُوثِ الْآخَرِ بَعْدَهُ وَهَذَا أَمْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا نَزُولُ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ، فَيَكُونُ مِيرَاثُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، لَا مُشَارِكَ لَهُ فِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ بَيْنَ أَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَيْنِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute