مِنْهَا شَيْئًا، فَعَلَ. وَإِنْ تَوَلَّى الْإِمَامُ أَوْ الْوَالِي مِنْ قِبَلِهِ، أَخْذَ الصَّدَقَةِ وَقِسْمَتَهَا، لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
[فَصْلٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ السَّاعِيَ جِبَايَة الصَّدَقَة دُونَ تَفْرِقَتِهَا]
(٥١٠٥) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ السَّاعِيَ جِبَايَتَهَا دُونَ تَفْرِقَتِهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ جِبَايَتَهَا وَتَفْرِيقَهَا؛ «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَّى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَقَدِمَ بِصَدَقَتِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ. وَقَالَ لَقَبِيصَةَ: أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَك بِهَا. وَأَمَرَ مُعَاذًا أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَيَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ.» وَيُرْوَى أَنَّ زِيَادًا وَلَّى عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ الصَّدَقَةَ، فَلَمَّا جَاءَ قِيلَ لَهُ: أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: أَوَ لِلْمَالِ بَعَثْتنِي، أَخَذْنَاهَا كَمَا كُنَّا نَأْخُذُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَضَعْنَاهَا حَيْثُ كُنَّا نَضَعُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا، فَوَضَعَهَا فِي فُقَرَائِنَا، وَكُنْت غُلَامًا يَتِيمًا، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قَلُوصًا. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
[مَسْأَلَةٌ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ الْمُتَأَلَّفُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ]
(٥١٠٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ الْمُتَأَلَّفُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ) هَذَا الصِّنْفُ الرَّابِعُ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: انْقَطَعَ سَهْمُهُمْ. وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ مُشْرِكًا جَاءَ يَلْتَمِسُ مِنْ عُمَرَ مَالًا، فَلَمْ يُعْطِهِ، وَقَالَ: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] . وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيٍّ أَنَّهُمْ أَعْطَوْا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَقَمَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّأْلِيفِ. وَحَكَى حَنْبَلٌ، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: الْمُؤَلَّفَةُ قَدْ انْقَطَعَ حُكْمُهُمْ الْيَوْمَ.
وَالْمَذْهَبُ عَلَى خِلَافِ مَا حَكَاهُ حَنْبَلٌ، وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَدَ: انْقَطَعَ حُكْمُهُمْ. أَيْ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمْ فِي الْغَالِبِ، أَوْ أَرَادَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ لَا يُعْطُونَهُمْ الْيَوْمَ شَيْئًا، فَأَمَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِمْ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ، فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ إلَّا مَعَ الْحَاجَةِ. وَلَنَا، عَلَى جَوَازِ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: ٦٠] . وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَهِيَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ. وَأَعْطَى أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَقَدْ قَدِمَ عَلَيْهِ بِثَلَاثِمِائَةٍ جَمَلٍ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ، ثَلَاثِينَ بَعِيرًا.
وَمُخَالَفَةُ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَاطِّرَاحُهَا بِلَا حُجَّةٍ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَثْبُتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute