(٣٩٥٦) فَصْلٌ: إذَا غَصَبَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ فَسَمِنَتْ، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا، ثُمَّ تَعَلَّمَتْ صِنَاعَةً، فَبَلَغَتْ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ هَزَلَتْ وَنَسِيَتْ، فَعَادَتْ قِيمَتُهَا إلَى مِائَةٍ، رَدَّهَا وَرَدَّ أَلْفًا وَتِسْعَمِائَةٍ.
وَإِنْ بَلَغَتْ بِالسِّمَنِ أَلْفًا، ثُمَّ هَزَلَتْ فَبَلَغَتْ مِائَةً، ثُمَّ تَعَلَّمَتْ فَبَلَغَتْ أَلْفًا، ثُمَّ نَسِيَتْ فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ، رَدَّهَا وَرَدَّ أَلْفًا وَثَمَانِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهَا نَقَصَتْ بِالْهُزَالِ تِسْعَمِائَةٍ، وَبِالنِّسْيَانِ تِسْعَمِائَةٍ. وَإِنْ سَمِنَتْ فَبَلَغَتْ أَلْفًا، ثُمَّ هَزَلَتْ فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ، ثُمَّ تَعَلَّمَتْ فَعَادَتْ إلَى أَلْفٍ، رَدَّهَا وَتِسْعَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الزِّيَادَةِ الْأُولَى أَوْجَبَ الضَّمَانَ، ثُمَّ حَدَثَتْ زِيَادَةٌ أُخْرَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَلَا يَنْجَبِرُ مِلْكُ الْإِنْسَانِ بِمُلْكِهِ، وَأَمَّا إذَا بَلَغَتْ بِالسِّمَنِ أَلْفًا، ثُمَّ هَزَلَتْ فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ، ثُمَّ سَمِنَتْ فَعَادَتْ إلَى أَلْفٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَرُدُّهَا زَائِدَةً، وَيَضْمَنُ نَقْصَ الزِّيَادَةِ الْأُولَى، كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ، فَإِنَّ مِلْكَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْجَبِرُ بِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى.
فَعَلَى هَذَا إنْ هَزَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً، فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ، ضَمِنَ النَّقْصَيْنِ بِأَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، أَنَّهُ إذَا رَدَّهَا سَمِينَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ مَا ذَهَبَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَرِضَتْ فَنَقَصَتْ، ثُمَّ عُوفِيَتْ، أَوْ نَسِيَتْ صِنَاعَةً ثُمَّ تَعَلَّمَتْهَا، أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ عَادَ. وَفَارَقَ مَا إذَا زَادَتْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَعُدْ مَا ذَهَبَ.
وَهَذَا الْوَجْهُ، أَقْيَسُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ شَوَاهِدِهِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ سَمِنَتْ بَعْدَ الْهُزَالِ، وَلَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا إلَى مَا بَلَغَتْ فِي السِّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ، ضَمِنَ أَكْثَرَ الزِّيَادَتَيْنِ، وَتَدْخُلُ الْأُخْرَى فِيهَا. وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَضْمَنُهُمَا جَمِيعًا. فَأَمَّا إنْ زَادَتْ بِالتَّعْلِيمِ أَوْ الصِّنَاعَةِ، ثُمَّ نَسِيَتْ، ثُمَّ تَعَلَّمَتْ مَا نَسِيَتْهُ، فَعَادَتْ الْقِيمَةُ الْأُولَى، لَمْ يَضْمَنْ النَّقْصَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ، فَقَدْ عَادَ مَا ذَهَبَ.
وَإِنْ تَعَلَّمَتْ عِلْمًا آخَرَ، أَوْ صِنَاعَةً أُخْرَى، فَهُوَ كَعَوْدِ السِّمَنِ، فِيهِ وَجْهَانِ. ذَكَرَ هَذَا الْقَاضِي، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: مَتَى زَادَتْ، ثُمَّ نَقَصَتْ، ثُمَّ زَادَتْ مِثْلَ الزِّيَادَةِ الْأُولَى، فَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ، سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسٍ كَالسِّمَنِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَالسِّمَنِ وَالتَّعْلِيمِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
[فَصْلٌ مَرِضَ الْمَغْصُوبُ ثُمَّ بَرَّأَ أَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنُهُ ثُمَّ ذَهَبَ بَيَاضُهَا]
(٣٩٥٧) فَصْلٌ: وَإِنْ مَرِضَ الْمَغْصُوبُ ثُمَّ بَرَأَ، أَوْ ابْيَضَّتْ عَيْنُهُ ثُمَّ ذَهَبَ بَيَاضُهَا، أَوْ غَصَبَ جَارِيَةً حَسْنَاءَ فَسَمِنَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute