قَلِيلٌ مِنْ الْبَرَصِ، فَانْبَسَطَ فِي جِلْدِهِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ رِضًى بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ.
[فَصْلٌ خِيَارُ عَيْبِ النِّكَاح ثَابِتٌ عَلَى التَّرَاخِي]
(٥٥٠٤) فَصْلٌ: وَخِيَارُ الْعَيْبِ ثَابِتٌ عَلَى التَّرَاخِي، لَا يَسْقُطُ، مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى بِهِ، مِنْ الْقَوْلِ، أَوْ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ الزَّوْجِ، أَوْ التَّمْكِينِ مِنْ الْمَرْأَةِ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ عِنِّينٌ، فَسَكَتَتْ عَنْ الْمُطَالَبَةِ، ثُمَّ طَالَبَتْ بَعْدُ، فَلَهَا ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَمَتَى أَخَّرَ الْفَسْخَ مَعَ الْعِلْمِ وَالْإِمْكَانِ، بَطَلَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ، كَاَلَّذِي فِي الْبَيْعِ. وَلَنَا، أَنَّهُ خِيَارٌ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي، كَخِيَارِ الْقِصَاصِ، وَخِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ يَمْنَعُهُ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ضَرَرَهُ فِي الْمَبِيعِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَالِيَّتَهُ أَوْ خِدْمَتَهُ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ عَيْبِهِ. وَهَاهُنَا الْمَقْصُودُ الِاسْتِمْتَاعُ، وَيَفُوتُ ذَلِكَ بِعَيْبِهِ. وَأَمَّا خِيَارُ الْمُجْبَرَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمَجْلِسِ، فَهُوَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ غَيْرِ مُتَحَقِّقٍ
(٥٥٠٥) فَصْلٌ: وَيَحْتَاجُ الْفَسْخُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، فَهُوَ كَفَسْخِ الْعُنَّةِ، وَالْفَسْخِ لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ. وَيُخَالِفُ خِيَارَ الْمُعْتَقَةِ؛ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَة إذَا فَسَخَ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا مَهْرَ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الْفَسْخَ إذَا وُجِدَ قَبْلَ الدُّخُولِ]
(٥٥٠٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَإِذَا فَسَخَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ مَا عَلِمَ، حَلَفَ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ
الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: (٥٥٠٧) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْفَسْخَ إذَا وُجِدَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمَرْأَةِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ كَانَ مِنْهَا، فَالْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا، فَسَقَطَ مَهْرُهَا، كَمَا لَوْ فَسَخَتْهُ بِرَضَاعِ زَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ، فَإِنَّمَا فَسَخَ لَعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَتْهُ بِالْإِخْفَاءِ، فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَعَلْتُمْ فَسْخَهَا لِعَيْبِهِ، كَأَنَّهُ مِنْهُ؛ لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ؟ قُلْنَا: الْعِوَضُ مِنْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا، فَإِذَا اخْتَارَتْ فَسْخَ الْعَقْدِ مَعَ سَلَامَةِ مَا عَقَدَتْ عَلَيْهِ، رَجَعَ الْعِوَضُ إلَى الْعَاقِدِ مَعَهَا، وَلَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا، لَا لِتَعَذُّرِ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضًا، فَافْتَرَقَا.
[الْفَصْلُ الثَّانِي الْفَسْخ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي النِّكَاح]
(٥٥٠٨) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْفَسْخَ إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَلَهَا الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَيَسْتَقِرُّ بِالدُّخُولِ، فَلَا يَسْقُطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute