وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ، حَلَفَ عَلَى الزَّائِدِ، وَسَقَطَ. وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ، فَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالزِّيَادَةِ، وَهِيَ تُنْكِرُهَا، فَلَا تَسْتَحِقُّهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ ابْتِدَاءً فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ]
(٥٢٤٧) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ ابْتِدَاءً، فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ، ثَبَتَ النِّكَاحُ وَتَوَارَثَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّهَا رَشِيدَةٌ أَقَرَّتْ بِعَقْدٍ، يَلْزَمُهَا حُكْمُهُ، فَقُبِلَ إقْرَارُهَا، كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ أَنَّ وَلِيَّهَا بَاعَ أَمَتَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا، فَأَنْكَرَ أَبُوهَا تَزْوِيجَهَا، لَمْ يُقْبَلْ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ عَيَّنَهُمَا، فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ، وَأَنْكَرَ الشَّاهِدَانِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِمَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الْإِنْكَارِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إقْرَارُهَا مَعَ إنْكَارِ أَبِيهَا؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا إلَيْهِ دُونَهَا. فَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَهَا، فَلَمْ تُصَدِّقْهُ حَتَّى مَاتَتْ، لَمْ يَرِثْهَا. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا، فَاعْتَرَفَتْ بِمَا قَالَ، وَرِثَتْهُ؛ لِكَمَالِ الْإِقْرَارِ مِنْهُمَا بِتَصْدِيقِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ دُونَهُ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصَدِّقَهَا، لَمْ تَرِثْهُ. وَإِنْ مَاتَتْ فَصَدَّقَهَا، وَرِثَهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
[تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ]
(٥٢٤٨) قَالَ: وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ نَكَحَ لَمْ يَنْعَقِدْ نِكَاحُهُ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُ بَاطِلٌ. وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ -، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ السَّيِّدِ، فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ عَلَى الْفَسْخِ، فَوَقَفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، كَالْوَصِيَّةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى جَابِرٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ عَاهِرٌ.» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ زَانٍ.» قَالَ حَنْبَلٌ: ذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ:
وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ فَقَدَ شَرْطَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute