[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهَا فِي الْكَفَّارَةِ]
(٨٠٣٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهَا فِي الْكَفَّارَةِ، عَتَقَتْ، وَلَمْ تُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ هَذَا الشَّرْطِ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ الْعِتْقِ عِوَضًا، فَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: إنْ كَانَتْ رَقَبَةً وَاجِبَةً، لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَقَبَةً سَلِيمَةً، وَلِأَنَّ عِتْقَهَا يَسْتَحِقُّ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَهُوَ الشَّرْطُ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ، فَنَوَى بِشِرَائِهِ الْعِتْقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ. ثُمَّ نَوَى عِنْدَ دُخُولِهِ أَنَّهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أُعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ كَفَّارَتِك وَلَك عَشَرَةُ دَنَانِير فَفَعَلَ]
(٨٠٣٨) فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِك، وَلَك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. فَفَعَلَ، لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ لَمْ تَقَعْ خَالِصَةً عَنْ الْكَفَّارَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْعِتْقُ كُلُّهُ يَقَعُ عَنْ بَاذِلِ الْعِوَضِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الْمُعْتِقَ لَمْ يُعْتِقْهُ عَنْ بَاذِلِ الْعِوَضِ، وَلَا رَضِيَ بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ، وَلَا بَاذِلُ الْعِوَضِ طَلَبَ ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الْمُعْتِقِ، وَالْوَلَاءُ لَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ، وَالثَّمَنُ عَلَيَّ. فَالثَّمَنُ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ. فَإِنْ رَدَّ الْعَشَرَةَ عَلَى بَاذِلِهَا، لِيَكُونَ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَحْدَهَا، أَوْ عَزَمَ عَلَى رَدِّ الْعَشَرَةِ، أَوْ رَدَّ الْعَشَرَةَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، أَجْزَأَهُ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى عَبْدًا يَنْوِي إعْتَاقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا]
(٨٠٣٩) فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا يَنْوِي إعْتَاقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِجْزَاءِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَأَخَذَ أَرْشَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ عَنْ كَفَّارَتِهِ، أَجْزَأَهُ، وَكَانَ الْأَرْشُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَعِيبِ دُونَ الْأَرْشِ. وَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْعَيْبِ، فَأَخَذَ أَرْشَهُ، فَهُوَ لَهُ أَيْضًا، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يَصْرِفُ ذَلِكَ الْأَرْشَ فِي الرِّقَابِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ سَلِيمٌ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ عَنْ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَكَفَّارَةُ الْأَرْشِ مَصْرُوفَةٌ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى، كَمَا لَوْ بَاعَهُ كَانَ الْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي. وَإِنْ عَلِمَ الْعَيْبَ، وَلَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ، كَانَ الْأَرْشُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَعِيبًا عَالِمًا بِعَيْبِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشٌ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ.
[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ يَنْوِي بِشِرَائِهِ الْكَفَّارَةَ]
(٨٠٤٠) مَسْأَلَة؛ قَالَ (وَكَذَلِكَ وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ، يَنْوِي بِشِرَائِهِ الْكَفَّارَةَ، عَتَقَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ) وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُجْزِئُهُ: اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ كَفَّارَةِ الْبَائِعِ، فَأَجْزَأَ عَنْ كَفَّارَةِ الْمُشْتَرِي، كَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute