وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو حَتَّى بَاعَ مِمَّا فِي يَدِهِ سُدْسًا، لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ، فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا. الثَّانِي تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كُلُّهَا. وَالثَّالِثُ، تَبْطُلُ فِي قَدْرِ مَا بَاعَ، وَتَبْقَى فِيمَا لَمْ يَبِعْ. وَقَدْ ذَكَرْنَا تَوْجِيهَ هَذِهِ الْوُجُوهِ. فَأَمَّا شُفْعَةُ مَا بَاعَهُ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهَا بَيْنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَزَيْدٍ وَبَكْرٍ أَرْبَاعًا، لِلْمُشْتَرِي نِصْفُهَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهَا، عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ حِينَ بَيْعِهِ.
وَالثَّانِي، أَنَّهَا بَيْنَ زَيْدٍ وَبَكْرٍ، عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، لِزَيْدِ تِسْعَةٌ، وَلِبَكْرٍ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ لِزَيْدٍ السُّدُسَ، وَلِبَكْرٍ سُدُسٌ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَتْسَاعِهِ بِالشُّفْعَةِ، فَيَبْقَى مَعَهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ السُّدُسِ، مِلْكُهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَيْهَا، فَأَضَفْنَاهُ إلَى سُدُسِ زَيْدٍ، وَقَسَمْنَا الشُّفْعَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ نُعْطِ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ وَلَا بَكْرًا بِالسِّهَامِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِالشُّفْعَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ عَلَيْهَا غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ. وَالثَّالِثُ، إنْ عَفَا لَهُمْ عَنْ الشُّفْعَةِ، اسْتَحَقُّوا بِهَا. وَإِنْ أُخِذَتْ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَسْتَحِقُّوا بِهَا شَيْئًا. وَإِنْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ، اسْتَحَقَّ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ بِسِهَامِهِ دُونَ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ.
وَمَا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ بِبَيْعِ عَمْرٍو، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، فَيُخَرَّجُ فِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ. وَلَوْ اسْتَقْصَيْنَا فُرُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى سَبِيلِ الْبَسْطِ، لَطَالَ، وَخَرَجَ إلَى الْإِمْلَالِ.
[فَصْلٌ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْهُمْ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ]
(٤١٠١) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ أَرْبَاعًا، فَاشْتَرَى اثْنَانِ مِنْهُمْ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ، اسْتَحَقَّ الرَّابِعُ الشُّفْعَةَ عَلَيْهِمَا، وَاسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ الشُّفْعَةَ عَلَى صَاحِبِهِ. فَإِنْ طَالَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشُفْعَتِهِ، قُسِّمَ الْمَبِيعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَصَارَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ. وَإِنْ عَفَا الرَّابِعُ وَحْدَهُ، قُسِّمَ الْمَبِيعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ نِصْفَيْنِ. وَكَذَلِكَ إنْ عَفَا الْجَمِيعُ عَنْ شُفْعَتِهِمْ، فَيَصِيرُ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّارِ، وَلِلرَّابِعِ الرُّبْعُ بِحَالِهِ
وَإِنْ طَالَبَ الرَّابِعُ وَحْدَهُ، أَخَذَ مِنْهُمَا نِصْفَ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ مِنْ الْمِلْكِ مِثْلُ مَا لِلْمُطَالِبِ، فَشُفْعَةُ مَبِيعِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَفِيعِهِ نِصْفَيْنِ، فَيَحْصُلُ لِلرَّابِعِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الدَّارِ، وَبَاقِيهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ. وَإِنْ طَالَبَ الرَّابِعُ وَحْدَهُ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، قَاسَمَهُ الثَّمَنَ نِصْفَيْنِ، فَيَحْصُلُ لِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الرَّابِعِ وَالْآخَرِ نِصْفَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute