للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَشْتَرِيَ جَدْيًا، فَاشْتَرَى تَيْسًا، أَوْ لَا يَضْرِبَ عَبْدًا، فَضَرَبَ عَتِيقًا، لَمْ يَحْنَثْ، بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَعَلَّقَتْ بِالصِّفَةِ دُونَ الْعَيْنِ، وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ: لَا أَكَلْت هَذِهِ التَّمْرَةَ. فَأَكَلَ غَيْرَهَا.

[فَصْلٌ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ مُنَصَّفًا]

(٨١٣٥) فَصْلٌ: فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا، فَأَكَلَ مُنَصَّفًا، وَهُوَ الَّذِي بَعْضُهُ بُسْرٌ وَبَعْضُهُ تَمْرٌ، أَوْ مُذَنَّبًا، وَهُوَ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ الْإِرْطَابُ مِنْ ذَنَبِهِ وَبَاقِيهِ بُسْرٌ، أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا، فَأَكَلَ ذَلِكَ، حَنِثَ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُطَبًا وَلَا تَمْرًا.

وَلَنَا، أَنَّهُ أَكَلَ رُطَبًا وَبُسْرًا، فَحَنِثَ، كَمَا لَوْ أَكَلَ نِصْفَ رُطَبَةٍ وَنِصْفَ بُسْرَةٍ مُنْفَرِدَتَيْنِ. وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي أَرْطُبْ رُطَبٌ، وَالْبَاقِيَ بُسْرٌ، وَلَوْ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّطَبَ، فَأَكَلَ الْقَدْرَ الَّذِي أَرْطَبُ مِنْ النِّصْفِ، حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبُسْرَ، فَأَكَلَ الْبُسْرَ الَّذِي فِي النِّصْفِ حَنِثَ.

وَإِنْ أَكَلَ الْبُسْرَ مَنْ يَمِينُهُ عَلَى الرُّطَبِ، وَأَكَلَ الرُّطَبَ مَنْ يَمِينُهُ عَلَى الْبُسْرِ، لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَإِنْ حَلَفَ وَاحِدٌ لَيَأْكُلَنَّ رُطَبًا، وَآخَرُ لَيَأْكُلَنَّ بُسْرًا، فَأَكَلَ الْحَالِفُ عَلَى أَكْلِ الرُّطَبِ مَا فِي الْمُنَصَّفِ مِنْ الرُّطَبَةِ، وَأَكَلَ الْآخَرُ بَاقِيَهَا، بَرَّا جَمِيعًا. وَإِنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ رُطَبَةً أَوْ بُسْرَةً، أَوْ لَا يَأْكُلُ ذَلِكَ، فَأَكَلَ مُنَصَّفًا، لَمْ يَبَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رُطَبَةٌ وَلَا بُسْرَةٌ.

[فَصْلٌ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَ مِنْ لَبَنِ الْأَنْعَامِ أَوْ الصَّيْدِ أَوْ لَبَنِ آدَمِيَّةٍ]

(٨١٣٦) فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا، فَأَكَلَ مِنْ لَبَنِ الْأَنْعَامِ، أَوْ الصَّيْدِ، أَوْ لَبَنِ آدَمِيَّةٍ، حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَلِيبًا أَوْ رَائِبًا، أَوْ مَائِعًا أَوْ مُجَمَّدًا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَبَنٌ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ وَالْمَصْلِ وَالْأَقِطِ وَالْكُشْكِ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ أَكَلَ زُبْدًا، لَمْ يَحْنَثْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي الزُّبْدِ: إنْ ظَهَرَ فِيهِ لَبَنٌ، حَنِثَ بِأَكْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا. كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ زُبْدًا، فَأَكَلَ سَمْنًا أَوْ لَبَنًا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ الزُّبْدُ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ كَانَ الزُّبْدُ ظَاهِرًا فِيهِ، حَنِثَ. وَإِنْ أَكَلَ جُبْنًا، لَمْ يَحْنَثْ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُصْنَعُ مِنْ اللَّبَنِ.

وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، فَأَكَلَ زُبْدًا، أَوْ لَبَنًا، أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُصْنَعُ مِنْ اللَّبَنِ سِوَى السَّمْنِ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ أَكَلَ السَّمْنَ مُنْفَرِدًا، أَوْ فِي عَصِيدَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>