[فَصْلٌ إخْرَاجُ الْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ]
(٧٢٦٩) فَصْلٌ: وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ الْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ؛ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ، فَمَتَى أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، سَوَاءٌ حَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ، أَوْ تَرَكَهُ خَارِجًا مِنْ الْحِرْزِ، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ بِأَنْ حَمَلَهُ، أَوْ رَمَى بِهِ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ، أَوْ شَدَّ فِيهِ حَبْلًا ثُمَّ خَرَجَ فَمَدَّهُ بِهِ، أَوْ شَدَّهُ عَلَى بَهِيمَةٍ ثُمَّ سَاقَهَا بِهِ حَتَّى أَخْرَجَهَا، أَوْ تَرَكَهُ فِي نَهْرٍ جَارٍ، فَخَرَجَ بِهِ، فَفِي هَذَا كُلِّهِ يَجِبُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخْرِجُ لَهُ، إمَّا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا بِآلَتِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، كَمَا لَوْ حَمَلَهُ، فَأَخْرَجَهُ، وَسَوَاءٌ دَخَلَ الْحِرْزَ فَأَخْرَجَهُ، أَوْ نَقَبَهُ ثُمَّ أَدْخَلَ إلَيْهِ يَدَهُ أَوْ عَصًا لَهَا شُجْنَةٌ فَاجْتَذَبَهُ بِهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُهُ دُخُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ بِمَا أَمْكَنَهُ، فَأَشْبَهَ الْمُخْتَلِسَ. وَلَنَا أَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقَطْعِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْبَيْتُ ضَيِّقًا، وَيُخَالِفُ الْمُخْتَلِسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ. وَإِنْ رَمَى الْمَتَاعَ، فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ فَأَخْرَجَتْهُ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ، لَمْ يُؤَثِّرْ فِعْلُ الرِّيحِ، كَمَا لَوْ رَمَى صَيْدًا، فَأَعَانَتْ الرِّيحُ السَّهْمَ حَتَّى قَتَلَ الصَّيْدَ، حَلَّ، وَلَوْ رَمَى الْجِمَارَ، فَأَعَانَتْهَا الرِّيحُ حَتَّى وَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى، اُحْتُسِبَ بِهِ، وَصَارَ هَذَا كَمَا لَوْ تَرَكَ الْمَتَاعَ فِي الْمَاءِ فَجَرَى بِهِ فَأَخْرَجَهُ، وَلَوْ أَمَرَ صَبِيًّا لَا يُمَيِّزُ، فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ، فَأَمَّا إنْ تَرَكَ الْمَتَاعَ عَلَى دَابَّةٍ، فَخَرَجَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ سَوْقِهَا، أَوْ تَرَكَ الْمَتَاعَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ، فَانْفَتَحَ فَخَرَجَ الْمَتَاعُ، أَوْ عَلَى حَائِطٍ فِي الدَّارِ، فَأَطَارَتْهُ الرِّيحُ، فَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ سَبَبُ خُرُوجِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَاقَ الْبَهِيمَةَ، أَوْ فَتْحَ الْمَاءَ، وَحَلَّقَ الثَّوْبَ فِي الْهَوَاءِ. وَالثَّانِي: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَكُنْ آلَةً لِلْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ الْمَتَاعُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، وَالْبَهِيمَةُ لَهَا اخْتِيَارٌ لِنَفْسِهَا.
[فَصْلٌ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ بَيْتٍ فِي الدَّارِ أَوْ الْخَانِ إلَى الصَّحْنِ]
(٧٢٧٠) فَصْلٌ: وَإِذَا أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ بَيْتٍ فِي الدَّارِ، أَوْ الْخَانِ إلَى الصَّحْنِ، فَإِنْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مُغْلَقًا، فَفَتَحَهُ أَوْ نَقَبَهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ الْحِرْزِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُغْلَقًا، فَمَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الدَّارِ، يُقْطَعُ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute