للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَطْرُقُوا الطَّيْرَ فِي أَوْكَارِهَا؛ فَإِنَّ اللَّيْلَ لَهَا أَمَانٌ» . فَقَالَ: هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، يَرْوِيه فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَرَوَاهُ عَنْهُ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَلَا أَعْرِفُهُ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: مَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا كَرِهَ صَيْدَ اللَّيْلِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَسُئِلَ: هَلْ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ صَيْدُ الْفِرَاخِ الصِّغَارِ، مِثْلُ الورشان وَغَيْرِهِ؟ يَعْنِي مِنْ أَوْكَارِهَا. فَلَمْ يَكْرَهْهُ.

[مَسْأَلَةٌ رَمَى صَيْدًا فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا]

(٧٧٢٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا، فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، لَمْ يُؤْكَلْ مَا أَبَانَ مِنْهُ وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يَأْكُلُهُ وَمَا أَبَانَ مِنْهُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا رَمَى صَيْدًا، أَوْ ضَرَبَهُ، فَبَانَ بَعْضُهُ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَقْطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ، أَوْ يَقْطَعَ رَأْسَهُ، فَهَذَا جَمِيعُهُ حَلَالٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِطْعَتَانِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَتَيْنِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ، أَوْ الَّتِي مَعَ الرَّأْسِ أَقَلَّ، حَلَّتَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَقَلَّ، لَمْ يَحِلَّ، وَحَلَّ الرَّأْسُ وَمَا مَعَهُ، لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» . وَلَنَا، أَنَّهُ جُزْءٌ لَا تَبْقَى فِيهِ الْحَيَاةُ مَعَ فَقْدِهِ، فَأُبِيحَ، كَمَا لَوْ تَسَاوَتْ الْقِطْعَتَانِ.

الْحَالُ الثَّانِي، أَنْ يَبِينَ مِنْهُ عُضْوٌ، وَتَبْقَى فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَالْبَائِنُ مُحَرَّمٌ بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ بَقِيَ الْحَيَوَانُ حَيًّا، أَوْ أَدْرَكَهُ فَذَكَّاهُ، أَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ، إلَّا أَنَّهُ إنْ ذَكَّاهُ حَلَّ بِكُلِّ حَالٍ دُونَ مَا أَبَانَ مِنْهُ. وَإِنْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ مَذْبَحِهِ فَقَتَلَهُ، نَظَرْت؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَثْبَتَهُ بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى حَلَّ، دُونَ مَا أَبَانَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَثْبَتَهُ، لَمْ يَحِلَّ شَيْءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ.

الْحَالُ الثَّالِثُ، أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَهَذِهِ الَّتِي ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ؛ أَشْهَرُهُمَا عَنْ أَحْمَدَ، إبَاحَتُهُمَا. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا قَطَعْت مِنْ الْحَيِّ مَيْتَةٌ. إذَا قُطِعَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ، تَمْشِي وَتَذْهَبُ» .

أَمَّا إذَا كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ وَالْمَوْتُ جَمِيعًا، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، إذَا كَانَ فِي عِلَاجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>