للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَاسْتَوْلَدَهَا أَوْلَادًا]

(٥٠٢٠) فَصْلٌ: وَإِذَا تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً، فَاسْتَوْلَدَهَا أَوْلَادًا، فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَوَلَاؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ. فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَيَجُرُّ إلَيْهِ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ كُلِّهِمْ، وَيَبْقَى وَلَاءُ الْمُشْتَرِي لِمَوْلَى أُمِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَوْلَى نَفْسِهِ. وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ مَالِكٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ. وَشَذَّ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ، فَقَالَ: يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ، فَيَصِيرُ حُرًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِشُذُوذِهِ، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ ثَابِتًا عَلَى أَبَوَيْهِ دُونَهُ، مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا لَهُمَا فِي حَالِ رِقِّهِمَا، أَوْ فِي حَالِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ لَنَا مِثْلُ هَذَا فِي الْأُصُولِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْلَى نَفْسِهِ، يَعْقِلُ عَنْهَا، وَيَرِثُهَا، وَيُزَوِّجُهَا، لَكِنْ لَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَلَدُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْعَبْدُ أَبَا مُعْتِقِهِ فَأَعْتَقَهُ، فَإِنَّهُ يَنْجَرُّ إلَيْهِ وَلَاءُ سَيِّدِهِ، فَيَكُونُ لِهَذَا الْوَلَدِ عَلَى مُعْتِقِهِ الْوَلَاءُ بِإِعْتَاقِهِ أَبَاهُ، وَلِلْعَتِيقِ وَلَاءُ مُعْتِقِهِ بِوَلَائِهِ عَلَى أَبِيهِ وَجَرِّهِ وَلَاءَهُ بِإِعْتَاقِهِ أَبَاهُ. وَلَا يَمْتَنِعُ مِثْلُ هَذَا، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أُسِرَ سَيِّدُهُ وَأَعْتَقَهُ، صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى الْآخَرِ مِنْ فَوْقُ وَمِنْ أَسْفَلُ، وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِالْوَلَاءِ، وَكَمَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي النَّسَبِ، فَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِهِ، كَذَلِكَ الْوَلَاءُ. وَإِنْ تَزَوَّجَ وَلَدُ الْمُعْتَقَةِ مُعْتَقَةً، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، فَاشْتَرَى جَدَّهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَيَجُرُّ إلَيْهِ وَلَاءَ أَبِيهِ وَسَائِرِ أَوْلَادِ جَدِّهِ، وَهُمْ عُمُومَتُهُ وَعَمَّاتُهُ، وَوَلَاءَ جَمِيعِ مُعْتَقَيْهِمْ، وَيَبْقَى وَلَاءُ الْمُشْتَرِي لِمَوْلَى أُمِّ أَبِيهِ. وَعَلَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، يَبْقَى حُرًّا، لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِمُعْتَقَةِ فَأُوَلِّدهَا وَلَدًا فَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ بِمُعْتَقَةِ رَجُلٍ فَأُوَلِّدهَا وَلَدًا]

(٥٠٢١) فَصْلٌ: إذَا تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، فَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ بِمُعْتَقَةِ رَجُلٍ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، فَوَلَاءُ هَذَا الْوَلَدِ الْآخَرِ، لِمَوْلَى أُمِّ أَبِيهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى أَبِيهِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَوْلَى جَدِّهِ، وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ الثَّابِتَ عَلَى الْأَبِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِمَوْلَى الْأُمِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، وَلَاؤُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ الثَّابِتَ عَلَى ابْنِهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَمَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ أَوْلَى مِمَّا ثَبَتَ فِي حَقِّ أَبِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَوْلًى، وَلِأَبِيهِ مَوْلًى، كَانَ مَوْلَاهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ مَوْلَى أَبِيهِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ مَوْلَى أُمٍّ وَمَوْلَى أُمِّ أَبٍ، وَمَوْلَى أُمِّ جَدٍّ، وَجَدُّهُ مَمْلُوكٌ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ لِمَوْلَى أُمِّ الْجَدِّ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ لِمَوْلَى الْأُمِّ.

[فَصْلٌ تَزَوَّجَتْ بِنْتُ الْمُعْتَقَيْنِ بِمَمْلُوكِ]

(٥٠٢٢) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ مُعْتَقٌ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا، وَتَزَوَّجَ عَبْدٌ بِمُعْتَقَةٍ، فَأَوْلَدَهَا ابْنًا، فَتَزَوَّجَ هَذَا الِابْنُ بِنْتَ الْمُعْتَقَيْنِ، فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا، فَوَلَاءُ هَذَا الْوَلَدِ لِمَوْلَى أُمِّ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى أَبِيهِ. وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِنْتُ الْمُعْتَقَيْنِ بِمَمْلُوكٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>