- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ تَقْطِيعِ قَضَاءِ رَمَضَان؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ دَيْنٌ، فَقَضَاهُ مِنْ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ، حَتَّى يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، هَلْ كَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا دَيْنَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْكُمْ» وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِزَمَانِ بِعَيْنِهِ.
فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ، كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَخَبَرِهِمْ لَمْ يَثْبُتْ صِحَّتُهُ، فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَنِ لَمْ يَذْكُرُوهُ، وَلَوْ صَحَّ حَمَلْنَاهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّ الْمُتَتَابِعَ أَحْسَنُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْخَبَرِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَشَبَهِهِ بِالْأَدَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة مَنْ دَخَلَ فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ فَخَرَجَ مِنْهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ]
(٢٠٩٧) مَسْأَلَة؛ قَالَ: (وَمَنْ دَخَلَ فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ، فَخَرَجَ مِنْهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَضَاهُ فَحَسَنٌ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ، اُسْتُحِبَّ لَهُ إتْمَامُهُ، وَلَمْ يَجِبْ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا أَصْبَحَا صَائِمَيْنِ، ثُمَّ أَفْطَرَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءَ رَمَضَان وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا صَامَ الرَّجُلُ تَطَوُّعًا، ثُمَّ شَاءَ أَنْ يَقْطَعَهُ قَطَعَهُ، وَإِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ تَطَوُّعًا، ثُمَّ شَاءَ أَنْ يَقْطَعَهَا قَطَعَهَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَتَى أَصْبَحْت تُرِيدُ الصَّوْمَ، فَأَنْتَ عَلَى آخِرِ النَّظَرَيْنِ، إنَّ شِئْت صُمْت، وَإِنْ شِئْت أَفْطَرْت هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ
وَقَدْ رَوَى حَنْبَلٌ، عَنْ أَحْمَدَ، إذَا أَجْمَعَ عَلَى الصِّيَامِ، فَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَأَفْطَرَ مِنْ غَيْر عُذْرٍ، أَعَادَ يَوْمًا مَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ، أَوْ نَذَرَهُ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.
وَقَالَ النَّخَعِيّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِعُذْرِ، فَإِنْ خَرَجَ قَضَى. وَعَنْ مَالِكٍ: لَا قَضَاء عَلَيْهِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «أَصْبَحْت أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ، فَأُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَأَفْطَرْنَا، ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اقْضِيَا يَوْمًا مَكَانَهُ» وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ فَلَزِمَتْ بِالشُّرُوعِ فِيهَا، كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ عَائِشَةَ، «قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا، فَقَالَ: هَلْ عِنْدكُمْ شَيْءٌ؟ فَقُلْت: لَا. قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. ثُمَّ مَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقَدْ أُهْدِيَ إلَيَّ حَيْسٌ، فَخَبَّأْتُ لَهُ مِنْهُ، وَكَانَ يُحِبُّ الْحَيْسَ. قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ أُهْدِيَ لَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute