مَعِيبَيْنِ، لَمْ يُوجَدْ فِي أَحَدِهِمَا مَا يَمْنَعُ رَدَّهُ، فَأَرَادَ رَدَّ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. فَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سِوَى الْمَنْعِ مِنْ رَدِّ أَحَدِهِمَا. وَالْقِيَاسُ، أَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، إذْ لَوْ كَانَ إمْسَاكُ أَحَدِهِمَا مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ فِيمَا إذَا كَانَا مَعِيبَيْنِ، لَمَنَعَ مِنْهُ إذَا كَانَ صَحِيحًا.
[فَصْلٌ اشْتَرَى اثْنَانِ شَيْئًا فَوَجَدَاهُ مَعِيبًا أَوْ اشْتَرَطَا الْخِيَار فَرَضِيَ أَحَدهمَا]
(٣٠١٩) فَصْلٌ: إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ شَيْئًا فَوَجَدَاهُ مَعِيبًا، أَوْ اشْتَرَطَا الْخِيَارَ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا. فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، حَكَاهُمَا أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى. إحْدَاهُمَا، لِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ. وَالْأُخْرَى، لَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً غَيْرَ مُتَشَقِّصٍ، فَإِذَا رَدَّهُ مُشْتَرِكًا، رَدَّهُ نَاقِصًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ.
وَوَجْهُ الْأُولَى، أَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِشِرَائِهِ، وَالشَّرِكَةُ إنَّمَا حَصَلَتْ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا، فَخَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مُشَقَّصَةً، بِخِلَافِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ.
[فَصْلٌ وِرْث اثْنَانِ عَنْ أَبِيهِمَا خِيَار عَيْب فَرَضِيَ أَحَدهمَا]
(٣٠٢٠) فَصْلٌ: وَإِذَا وَرِثَ اثْنَانِ عَنْ أَبِيهِمَا خِيَارَ عَيْبٍ، فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا، سَقَطَ حَقُّ الْآخَرِ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ وَحْدَهُ، تَشَقَّصَتْ السِّلْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ، فَتَضَرَّرَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ إلَى وَاحِدٍ غَيْرَ مُشَقَّصَةٍ، فَلَا يَجُوزُ رَدُّ بَعْضِهَا إلَيْهِ مُشَقَّصًا، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ عَقْدَانِ، فَكَأَنَّهُ بَاعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا مُنْفَرِدًا، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ مَا بَاعَهُ إيَّاهُ، وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا]
(٣٠٢١) فَصْلٌ: وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا، رَدَّ عَلَى الْحَاضِرِ حِصَّتَهُ بِقِسْطِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَيَبْقَى نَصِيبُ الْغَائِبِ فِي يَدِهِ حَتَّى يَقْدُمَ. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَاعَ الْعَيْنَ كُلَّهَا بِوَكَالَةِ الْآخَرِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِرُ الْوَكِيلَ أَوْ الْمُوَكَّلَ. نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا.
فَإِنْ أَرَادَ رَدَّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَإِمْسَاكَ نَصِيبِ الْآخَرِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ، وَلَا يَحْصُلُ بِرَدِّهِ تَشْقِيصٌ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ مُشَقَّصًا قَبْلَ الْبَيْعِ.
[فَصْلٌ اشْتَرَى حِلِّي فِضَّةٍ بِوَزْنِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا]
(٣٠٢٢) فَصْلٌ: فَإِنْ اشْتَرَى حُلِيَّ فِضَّةٍ بِوَزْنِهِ دَرَاهِمَ، فَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَلَهُ رَدُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّفَاضُلِ فِيمَا يَجِبُ التَّمَاثُلُ فِيهِ. فَإِنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَعَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يَرُدُّهُ؛ وَيَرُدُّ، أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، يَأْخُذُ ثَمَنَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّفَاضُلِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ، وَرَفْعٌ لَهُ، فَلَا تَبْقَى الْمُعَاوَضَةُ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْأَرْشَ عِوَضًا عَنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْر بَيْعٍ، وَكَمَا لَوْ فَسَخَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ.