للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَعْلُومٌ مُدَّتُهُ وَأُجْرَتُهُ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُكهَا شَهْرًا، كُلُّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ. أَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِنَقْلِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمِ

وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ، إمَّا لِرُكُوبٍ، أَوْ حَمْلٍ مَعْلُومٍ. وَيَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُقِيمَةً أَوْ سَائِرَةً؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ ذَهَبَتْ فِي مُدَّتِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اكْتَرَى دَارًا، فَأَغْلَقَهَا وَلَمْ يَسْكُنْهَا.

وَإِنْ أَجَرَ نَفْسَهُ لِسَقْيِ نَخْلٍ، كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، أَوْ بِفَلْسٍ، أَوْ أَجْرٍ مَعْلُومٍ، جَازَ؛ لِلْأَثَرِ الْوَارِدِ فِيهِ. وَلِأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ مَعْلُومٍ لَهُ عِوَضٌ مَعْلُومٌ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ سَمَّى دِلَاءً مَعْرُوفَةً

وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الدَّلْوِ وَالْبِئْرِ وَمَا يُسْتَسْقَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ يَخْتَلِفُ بِهِ.

[فَصْلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ]

(٤٢٥٦) فَصْلٌ: وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ، عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً، فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ، بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ حَبَسَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمٌ، فَهُوَ جَائِزٌ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْهُ، فِي مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مِنْ مَكَّةَ إلَى جَدَّةَ بِكَذَا، فَإِنْ ذَهَبَ إلَى عَرَفَاتٍ بِكَذَا، فَلَا بَأْسَ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ لَوْ قَالَ: أَكْرَيْتُكَهَا بِعَشَرَةٍ. فَمَا حَبَسَهَا فَعَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةٌ. وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ مَتَى قَدَّرَ لِكُلِّ عَمَلٍ مَعْلُومٍ أَجْرًا مَعْلُومًا، صَحَّ

وَتَأَوَّلَ الْقَاضِي هَذَا كُلَّهُ، عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْأَوَّلِ وَيَفْسُدُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَحْمِلَ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ، وَهِيَ عَشَرَةُ. أَقْفِزَةٍ، بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ فَبِحُسْبَانِ ذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ خِلَافُ هَذَا؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: فَهُوَ جَائِزٌ. عَادَ إلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرَ قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ. وَلِأَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ عِوَضًا مَعْلُومًا، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ اسْتَقَى لَهُ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَقَدْ ثَبَتَ الْأَصْلُ بِالْخَبَرِ الْوَارِدِ فِيهِ، وَمَسْأَلَةُ الصُّبْرَةِ لَا نَصَّ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ

وَقِيَاسُ نُصُوصِهِ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ سُلِّمَ فَسَادُهَا، فَلِأَنَّ الْقُفْزَانَ الَّتِي شُرِطَ حَمْلُهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ بِتَعْيِينٍ وَلَا صِفَةٍ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ، فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِجَهَالَتِهَا، بِخِلَافِ الْأَيَّامِ، فَإِنَّهَا مَعْلُومَةٌ.

[فَصْلٌ قَالَ إنْ خِطْت هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْم فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ]

(٤٢٥٧) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: إنْ خِطْت هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ. فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَصِحُّ، وَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ، عَنْ أَحْمَدَ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ، اخْتَلَفَ فِيهِ الْعِوَضُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك نَقْدًا بِدِرْهَمٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ نَسِيئَةً. وَالثَّانِيَةُ يَصِحُّ

وَهُوَ قَوْلُ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ عَمَلٍ عِوَضًا مَعْلُومًا، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>