للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَبْطُلَ؛ لِأَنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَبْطُلَ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا مِنْ الصَّلَاةِ، وَتَتَعَلَّقُ بِالتِّلَاوَةِ، فَهِيَ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ بَدَأَ بِالْعَشَاءِ]

(٨٧٨) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ بَدَأَ بِالْعَشَاءِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَالْمُسْتَحَبُّ. أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَشَاءِ. قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ لِيَكُونَ أَفْرَغَ لِقَلْبِهِ، وَأَحْضَرَ لِبَالِهِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْجَلَ عَنْ عَشَائِهِ أَوْ غَدَائِهِ، فَإِنَّ أَنَسًا رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ» وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْضُرَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ وَيَخَافَ فَوْتَهَا فِي الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا يَخَافَ ذَلِكَ، فَإِنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أَنَسٍ: «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» . وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا قُرِّبَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ، وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ

وَقَوْلُهُ: وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ. يَعْنِي الْجَمَاعَةَ. وَتَعَشَّى ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّمَا يُقَدِّمُ الْعَشَاءَ عَلَى الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ نَفْسُهُ تَتُوقُ إلَى الطَّعَامِ كَثِيرًا. وَنَحْوَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَبْدَءُونَ بِالصَّلَاةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا خَفِيفًا. وَقَالَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ عُمَرُ، وَابْنُهُ وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا نَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ وَفِي أَنْفُسِنَا شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، فَأَكْمَلَ صَلَاتَهُ أَنَّ صَلَاتَهُ تُجْزِئُهُ. كَذَلِكَ إذَا صَلَّى حَاقِنًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْعَنْبَرِيُّ: يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ، وَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ مَعَ ذَلِكَ، إنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: أُحِبُّ أَنْ يُعِيدَ إذَا شَغَلَهُ ذَلِكَ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ لَوْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا، أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ، كَذَلِكَ إذَا شَغَلَهُ الْبَوْلُ.

[مَسْأَلَة إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْخَلَاءِ]

(٨٧٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ، وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الْخَلَاءِ، بَدَأَ بِالْخَلَاءِ) يَعْنِي إذَا كَانَ حَاقِنًا كُرِهَتْ لَهُ الصَّلَاةُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، سَوَاءٌ خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَمْ يَخَفْ. لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرَوَى ثَوْبَانُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي جَوْفِ بَيْتِ امْرِئٍ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ، وَلَا يَقُومَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ حَاقِنٌ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُومَ إلَى الصَّلَاةِ وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ خُشُوعِهَا. وَحُضُورِ قَلْبِهِ فِيهَا، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>