للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ أَنَّهُ سَعَى فِي جِنَازَةِ سَعْدٍ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَعُلِمَ، أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْحَدِيثِ هَذِهِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ أَخَصُّ مِنْهُ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ. وَالْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ التَّكْبِيرَ الْمُنْفَرِدَ، ثُمَّ يَبْطُلُ بِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ.

إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ مَتَى قَضَى أَتَى بِالتَّكْبِيرِ مُتَوَالِيًا، لَا ذِكْرَ مَعَهُ كَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ وَحَكَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: يُبَادِرُ بِالتَّكْبِيرِ مُتَتَابِعًا، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ قَضَى مَا فَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ تَابَعَهُ فِيهِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ كَبَّرَ، وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَبَّرَ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَتَى دَخَلَ الْمَسْبُوقُ فِي الصَّلَاةِ ابْتَدَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ أَتَى بِالصَّلَاةِ فِي الثَّانِيَةِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَقْرَأُ فِيمَا يَقْضِيهِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً، عَلَى صِفَةِ مَا فَاتَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هَاهُنَا بِالْقِرَاءَةِ عَلَى صِفَةِ مَا فَاتَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[فَصْلٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيمَا بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

(١٥٧٤) فَصْلٌ: وَإِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيمَا بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ حَتَّى يُكَبِّرَ مَعَهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَاتِ كَالرَّكَعَاتِ، ثُمَّ لَوْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ لَمْ يَتَشَاغَلْ بِقَضَائِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا فَاتَتْهُ تَكْبِيرَةٌ. وَالثَّانِيَةُ، يُكَبِّرُ وَلَا يَنْتَظِرْ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ مَتَى أَدْرَكَ الْإِمَامَ كَبَّرَ مَعَهُ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ، وَلَيْسَ هَذَا اشْتِغَالًا بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي مَعَهُ مَا أَدْرَكَهُ، فَيُجْزِئُهُ، كَاَلَّذِي عَقِيبَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ، أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلًا.

وَعَنْ مَالِكٍ كَالرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: سَهَّلَ أَحْمَدُ فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَمَتَى أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَكَبَّرَ، وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا، فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ، وَيُتَابِعُهُ، وَيَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ كَالْمَسْبُوقِ فِي بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِ الْقِرَاءَةِ.

[مَسْأَلَةٌ يُدْخَلُ قَبْرَهُ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ]

(١٥٧٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيُدْخَلُ قَبْرَهُ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ إنْ كَانَ أَسْهَلَ عَلَيْهِمْ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " رِجْلَيْهِ " يَعُودُ إلَى الْقَبْرِ. أَيْ: مِنْ عِنْدِ مَوْضِعِ الرِّجْلَيْنِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ رَأْسُ الْمَيِّتِ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ، ثُمَّ يُسَلُّ سَلًّا إلَى الْقَبْرِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُوضَعُ الْجِنَازَةُ عَلَى جَانِبِ الْقَبْرِ، مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يُدْخَلُ الْقَبْرَ مُعْتَرِضًا؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّ النَّخَعِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ يُدْخِلُونَ مَوْتَاهُمْ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَأَنَّ السَّلَّ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، «أَنَّ الْحَارِثَ أَوْصَى أَنْ يَلِيَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ الْقَبْرَ، فَأَدْخَلَهُ مِنْ رِجْلَيْ الْقَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا السُّنَّةُ» .

وَهَذَا يَقْتَضِي سُنَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>