للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ لَا يَرِثُ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلِ مُعْتِقَهُ فِي قَوْل عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ]

(٥٠٣٦) فَصْلٌ: وَلَا يَرِثُ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلِ مُعْتِقَهُ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ، وَطَاوُسٍ، أَنَّهُمَا وَرَّثَاهُ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا غُلَامٌ لَهُ هُوَ أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيرَاثَهُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ نَحْوُ هَذَا. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْعِمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرِثْهُ، كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِعْطَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا بِجِهَةِ غَيْرِ الْإِعْتَاقِ، وَتَكُونُ فَائِدَةُ الْحَدِيثِ أَنَّ إعْتَاقَهُ لَهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِيرَاثَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ صِلَةً وَتَفَضُّلًا. إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ فَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: يَعْقِلُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَيِّدُهُ أَنْعَمَ عَلَيْهِ، فَجَازَ أَنْ يَغْرَمَ عَنْهُ. وَلَنَا، أَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْعَصَبَاتِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُمْ. وَمَا ذَكَرَهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيَنْعَكِسُ كَسَائِرِ الْعَاقِلَةِ

، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْعِمْ عَلَيْهِ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَنْتَقِضُ بِمَا إذَا قَضَى إنْسَانٌ دَيْنَ آخَرَ، فَقَدْ غَرِمَ عَنْهُ، وَلَا يَعْقِلُ.

[فَصْلٌ أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ لَمْ يَرِثْهُ بِذَلِكَ]

(٥٠٣٧) فَصْلٌ: فَإِنْ أَسْلَمَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ، لَمْ يَرِثْهُ بِذَلِكَ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ الْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَرِثُهُ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ. وَحُكِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ لَهُ وَلَاءَهُ وَيَعْقِلُ عَنْهُ

وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: إنْ عَقَلَ عَنْهُ وَرِثَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ لَمْ يَرِثْهُ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ يُوَالِهِ؛ لِمَا رَوَى رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ، فَهُوَ مَوْلَاهُ، يَرِثُهُ وَيَدِي عَنْهُ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ الشَّامِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ، فَلَهُ وَلَاؤُهُ» .

وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، أَنَّهُ «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيْ الرَّجُلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لَا أَظُنُّهُ مُتَّصِلًا. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَلِأَنَّ أَسْبَابَ التَّوَارُثِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>