للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥٣٩٥) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ امْرَأَةَ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّةَ، إذَا انْتَقَلَتْ إلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَهِيَ كَالْمُرْتَدَّةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ، فَمَتَى كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا فِي الْحَالِ، وَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَفَ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يَنْفَسِخُ فِي الْحَالِ أَيْضًا.

[مَسْأَلَةٌ الْأَمَة الْكِتَابِيَّةَ حَلَالٌ]

[الْفَصْل الْأَوَّل أَمَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ حَلَالٌ]

(٥٣٩٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَأَمَتُهُ الْكِتَابِيَّةُ حَلَالٌ لَهُ، دُونَ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلَيْنِ: (٥٣٩٧) أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَمَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ حَلَالٌ لَهُ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ كَرِهَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ يُحَرَّمُ نِكَاحُهَا فَحُرِّمَ التَّسَرِّي بِهَا كَالْمَجُوسِيَّةِ. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] . وَلِأَنَّهَا مِمَّنْ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ، فَحَلَّ لَهُ التَّسَرِّي بِهَا، كَالْمُسْلِمَةِ.

فَأَمَّا نِكَاحُهَا فَيُحَرَّمُ لِأَنَّ فِيهِ إرْقَاقَ وَلَدِهِ، وَإِبْقَاءَهُ مَعَ كَافِرَةٍ، بِخِلَافِ التَّسَرِّي. (٥٣٩٨)

[الْفَصْل الثَّانِي مَنْ حُرِّمَ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ مِنْ الْمَجُوسِيَّات وَغَيْرِهِمْ لَا يُبَاحُ وَطْءُ الْإِمَاءِ مِنْهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ]

الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَنْ حُرِّمَ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ مِنْ الْمَجُوسِيَّات، وَسَائِرِ الْكَوَافِرِ سِوَى أَهْلِ الْكِتَابِ، لَا يُبَاحُ وَطْءُ الْإِمَاءِ مِنْهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ؛ مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَمَا خَالَفَهُ فَشُذُوذٌ لَا يُعَدُّ خِلَافًا. وَلَمْ يَبْلُغْنَا إبَاحَةُ ذَلِكَ إلَّا عَنْ طَاوُسٍ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] .

وَالْآيَة الْأُخْرَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>