- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ سَبْعًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ أَنَّهُ قَرَأَ قِرَاءَتَيْنِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَمَا بَعْدَهَا جَنَائِزُ، فَيُعْتَبَرُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِنَّ شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتُهَا، كَالْأُولَى.
[مَسْأَلَةٌ مَوْقِفُ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]
(١٦١١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْإِمَامُ يَقُومُ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَوَسَطِ الْمَرْأَةِ) ، لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ حِذَاءَ وَسَطِ الْمَرْأَةِ، وَعِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ أَوْ عِنْدَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِنْ وَقَفَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْقِفِ خَالَفَ سُنَّةَ الْمَوْقِفِ، وَأَجْزَأَهُ.
وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ قَالَ: يَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى رَجُلٍ، فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ فَقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السَّرِيرِ، فَقَالَ لَهُ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ عَلَى الْجِنَازَةِ مَقَامَكَ مِنْهَا، وَمِنْ الرَّجُلِ مَقَامَكَ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: احْفَظُوا» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقُومُ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ، فَإِذَا وَقَفَ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ فَكَذَا الْمَرْأَةُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَقِفُ مِنْ الرَّجُلِ عِنْدَ وَسَطِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَيَقِفُ مِنْ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَنْكِبَيْهَا؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ أَعَالِيهَا أَمْثَلُ وَأَسْلَمُ.
وَلَنَا، مَا رَوَى سَمُرَةُ، قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ وَسَطَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَالْمَرْأَةُ تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي الْمَوْقِفِ، فَجَازَ أَنْ تُخَالِفَهُ هَاهُنَا. وَلِأَنَّ قِيَامَهُ عِنْدَ وَسَطِ الْمَرْأَةِ أَسْتَرُ لَهَا مِنْ النَّاسِ، فَكَانَ أَوْلَى.
فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ فَغَيْرُ مُخَالِفٍ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ الصَّدْرِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ، فَالْوَاقِفُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَاقِفٌ عِنْدَ الْآخَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ اجْتَمَعَ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ]
(١٦١٢) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، يُسَوِّي بَيْنَ رُءُوسِهِمْ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ وَأَهْلِ مَكَّةَ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ رُءُوسِهِمْ.
وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ وَابْنَهَا زَيْدَ بْنَ عُمَرَ تُوُفِّيَا جَمِيعًا، فَأُخْرِجَتْ جِنَازَتَاهُمَا، فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمَا وَأَرْجُلِهِمَا حِينَ صَلَّى عَلَيْهِمَا
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: قَدِمَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَهُمْ يُسَوُّونَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِمَا، فَأَرَادَهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا رَأْسَ الْمَرْأَةِ عِنْدَ وَسَطِ الرَّجُلِ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ.