للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْتَصَّ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: صُمْت رَمَضَانَ إلَّا يَوْمًا. لَمْ يَخْتَصَّ الْيَوْمَ الْآخِرَ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُك فِي السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا. لَمْ يَخْتَصَّ يَوْمًا مِنْهَا. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا فِي الْحَالِ. وَهُوَ قَوْلُ زُفَرُ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ الْمُسْتَثْنَى يَكُونُ مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ، كَالتَّأْجِيلِ وَمُدَّةِ الْخِيَارِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً، فَإِنَّ الْمَرَّةَ لَا تَخْتَصُّ وَقْتًا بِعَيْنِهِ.

وَمَنْ نَصَرَ الْأَوَّلَ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ التَّأْجِيلِ وَمُدَّةِ الْخِيَارِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّأْجِيلَ وَمُدَّةَ الْخِيَارِ، تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِيهِمَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهُمَا يَوْمٌ لَا أَجَلَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَتْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجْلِ، لَزِمَ قَضَاءُ الدَّيْنِ، فَيَسْقُطُ التَّأْجِيلُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَوْ لَزِمَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، لَمْ يَعُدْ إلَى الْجَوَازِ، فَتَعَيَّنَ جَعْلُ الْيَوْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ جَوَازَ الْوَطْءِ فِي يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ أَوْسَطِهَا، لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِ الْيَمِينِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ، فَصَارَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا]

(٦١١٤) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. فَهُوَ إيلَاءٌ وَاحِدٌ، حَلَفَ عَلَيْهِ بِيَمِينَيْنِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَامًا آخَرَ سِوَاهُ. وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك نِصْفَ عَامٍ. أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك نِصْفَ عَامٍ. ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. دَخَلَتْ الْمُدَّةُ الْقَصِيرَةُ فِي الطَّوِيلَةِ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ، فَيَكُونُ إيلَاءً وَاحِدًا، لَهُمَا وَقْتُ وَاحِدٌ، وَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَإِنْ نَوَى بِإِحْدَى الْمُدَّتَيْنِ غَيْرَ الْأُخْرَى فِي هَذِهِ أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. ثُمَّ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا آخَرَ. أَوْ: نِصْفَ عَامٍ آخَرَ. أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا، فَإِذَا مَضَى فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا.

فَهُمَا إيلَاءَانِ فِي زَمَانَيْنِ، لَا يَدْخُلُ حُكْمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، أَحَدُهُمَا مُنَجَّزٌ، وَالْآخَرُ مُتَأَخِّرٌ، فَإِذَا مَضَى حُكْمُ أَحَدِهِمَا، بَقِيَ حُكْمُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِزَمَنٍ غَيْرِ زَمَنِ صَاحِبِهِ، فَيَكُونُ لَهُ حُكْمٌ يَنْفَرِدُ بِهِ. فَإِنْ قَالَ فِي الْمُحَرَّمِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك هَذَا الْعَامَ. ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا مِنْ رَجَبٍ إلَى تَمَامِ اثْنَيْ عَشْرَ شَهْرًا. أَوْ قَالَ فِي الْمُحَرَّمِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. ثُمَّ قَالَ فِي رَجَبٍ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك عَامًا. فَهُمَا إيلَاءَانِ فِي مُدَّتَيْنِ، بَعْضُ إحْدَاهُمَا دَاخِلٌ فِي الْأُخْرَى. فَإِنْ فَاءَ فِي رَجَبٍ، أَوْ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ، حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ، وَتُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَنْقَطِعُ حُكْمُ الْإِيلَاءَيْنِ. وَإِنْ فَاءَ قَبْلَ رَجَبٍ، أَوْ بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ، حَنِثَ فِي إحْدَى الْيَمِينَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى. وَإِنْ فَاءَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>