للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦٤٣٧)

فَصْلٌ: وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ، فَالْحُكْمُ فِي التَّحْرِيمِ وَالْفَسْخِ حُكْمُ مَا لَوْ أَرْضَعَتْهَا الْكَبِيرَةُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جَدَّتَهَا، وَالرُّجُوعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْمُرْضِعَةِ الَّتِي أَفْسَدَتْ النِّكَاحَ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّ الْكَبِيرَةِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِالْكَبِيرَةِ، فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَيَرْجِعَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ صَدَاقِهِمَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ، فَلَهُ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ أُخْتَهَا، فَلَا يَنْكِحُهَا فِي عِدَّتِهَا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إنْ أَرْضَعَتْهَا جَدَّةُ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَمَّةَ الْكَبِيرَةِ أَوْ خَالَتَهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَرَّمٌ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إنْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُهَا أَوْ زَوْجَةُ أَخِيهَا بِلَبَنِهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ أُخْتِ الْكَبِيرَةِ أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُ أَخِيهَا أَوْ بِنْتُ أُخْتِهَا. وَلَا يَحْرُمُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمُ جَمْعٍ، إلَّا إذَا أَرْضَعَتْهَا بِنْتُ الْكَبِيرَةِ وَقَدْ دَخَلَ بِأُمِّهَا.

[فَصْلٌ أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ]

(٦٤٣٨) فَصْلٌ: وَمَنْ أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ، غَرِمَ نِصْفَ صَدَاقِهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ كُلِّهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ كُلَّهُ عَلَى زَوْجِهَا، فَيَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ، كَنِصْفِ الْمَهْرِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. وَالصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقَرِّرْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا، وَلَمْ تُلْزِمْهُ إيَّاهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، كَمَا لَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الرُّجُوعَ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ، لَسَقَطَ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُفْسِدَةَ لِلنِّكَاحِ، كَالنِّصْفِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى، وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا رَجَعَ الزَّوْجُ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهَا قَرَّرَتْهُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُفْسِدَةَ لِنِكَاحِهَا، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هَاهُنَا. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وَلِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ، لَمْ يَخْلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ رُجُوعُهُ بِبَدَلِ الْبُضْعِ الَّذِي فَوَّتَتْهُ، أَوْ بِالْمَهْرِ الَّذِي أَدَّاهُ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِبَدَلِ الْبُضْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ بَدَلُهُ، لَوَجَبَ لَهُ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا فَاتَ بِفِعْلِهَا أَوْ بِقَتْلِهَا، وَلَكَانَ الْوَاجِبُ لَهُ مَهْرَ مِثْلِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ لَهُ بَدَلُ مَا أَدَّاهُ إلَيْهَا لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهَا مَا أَوْجَبَتْهُ، وَلَا لَهَا أَثَرٌ فِي إيجَابِهِ وَلَا أَدَائِهِ وَلَا تَقْرِيرِهِ، وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا فِي أَنَّهَا إذَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ إنْ كَانَ أَدَّاهُ إلَيْهَا، وَلَا فِي أَنَّهَا إذَا أَفْسَدَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ يَسْقُطُ صَدَاقُهَا، وَأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَعْطَاهَا، فَلَوْ دَبَّتْ صَغِيرَةٌ إلَى كَبِيرَةٍ، فَارْتَضَعَتْ مِنْهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ، وَهُمَا زَوْجَتَا رَجُلٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>