للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، طَلَقَتْ ثَلَاثًا. فَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ خَرَجَتْ، وَقَعَتْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ بِالْخُرُوجِ، ثُمَّ وَقَعْت الثَّانِيَةُ بِوُقُوعِ الْأُولَى، ثُمَّ وَقَعْت الثَّالِثَةُ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَقَدْ عَقَدَ الصِّفَةَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَكَيْفَمَا وَقَعَ يَقْتَضِي وُقُوعَ أُخْرَى. وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. طَلَقَتْ ثَلَاثًا؛ وَاحِدَةً بِالْمُبَاشَرَةِ، وَاثْنَتَيْنِ بِالصِّفَتَيْنِ؛ لِأَنَّ تَطْلِيقَهُ لَهَا يَشْتَمِلُ عَلَى الصِّفَتَيْنِ؛ هُوَ تَطْلِيقٌ مِنْهُ، وَهُوَ وُقُوعُ طَلَاقِهِ، وَلِأَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. طَلَقَتْ بِالْمُبَاشَرَةِ وَاحِدَةً، فَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا، وَذَلِكَ طَلَاقٌ مِنْهُ وَاقِعٌ عَلَيْهَا، فَتَطْلُقُ بِهِ الثَّالِثَةَ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا.

فَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَلَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً فِي جَمِيعِ هَذَا. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.

[فَصْلٌ قَالَ كَلَّمَا طَلَّقْتُك طَلَاقًا أَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتك فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(٥٩٣٠) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك طَلَاقًا أَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. طَلَقَتْ اثْنَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا بِالْمُبَاشَرَةِ. وَالْأُخْرَى بِالصِّفَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الطَّلْقَةُ بِعِوَضٍ، أَوْ فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، فَلَا تَقَعُ بِهَا ثَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالطَّلْقَةِ الَّتِي بَاشَرَهَا بِهَا، فَلَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ، طَلَقَتْ الثَّالِثَةَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيلَ: تَطْلُقُ، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ. وَاخْتِيَارِي أَنَّهَا تَطْلُقُ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا تَطْلُقُ الثَّالِثَةَ؛ لِأَنَّا لَوْ أَوْقَعْنَاهَا، لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ، وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ طَلَاقِهَا، فَيُفْضِي ذَلِكَ إلَى الدَّوْرِ، فَيَقْطَعُهُ بِمَنْعِ وُقُوعِهِ. وَلَنَا أَنَّهُ طَلَاقٌ لَمْ يُكَمَّلْ بِهِ الْعَدَدُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي مَدْخُولٍ بِهَا، فَيَقَعُ بِهَا الَّتِي بَعْدَهَا كَالْأُولَى، وَامْتِنَاعُ الرَّجْعَةِ هَاهُنَا لِعَجْزِهِ عَنْهَا، لَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِيبَهَا، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَقَعُ، وَإِنْ امْتَنَعْت الرَّجْعَةُ؛ لِعَجْزِهِ عَنْهَا. وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ، أَوْ فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، لَمْ يَقَعْ بِهَا إلَّا الطَّلْقَةُ الَّتِي بَاشَرَهَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا. وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقٌ أَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَك، فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ صِفَةٍ، طَلَقَتْ ثَلَاثًا. وَعِنْدَهُمْ لَا تَطْلُقُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا طَلَّقْتُك طَلَاقًا أَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. ثُمَّ طَلَّقَهَا، طَلَقَتْ ثَلَاثًا. وَقَالَ الْمُزَنِيّ: لَا تَطْلُقُ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.

[فَصْلٌ قَالَ لُزُوجَتِهِ إذَا طَلَّقْتُك أَوْ إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا]

فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لُزُوجَتِهِ: إذَا طَلَّقْتُك، أَوْ إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا. فَلَا نَصَّ فِيهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا؛ وَاحِدَةً بِالْمُبَاشَرَةِ، وَاثْنَتَانِ مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>