وَلِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْ هَذَا لَا يُمْكِنُ.
فَأُبِيحَ كَالْوَجْهِ، وَمَا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا لَا يُبَاحُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى نَظَرِهِ، وَلَا تُؤْمَنُ مَعَهُ الشَّهْوَةُ وَمُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ، فَحُرِّمَ النَّظَرُ إلَيْهِ كَمَا تَحْتَ السُّرَّةِ (٥٣٢٩) فَصْلٌ: وَذَوَاتُ مَحَارِمِهِ: كُلُّ مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ وَزَيْنَبَ. وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّك، تَرِبَتْ يَمِينُك» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى آبَاءَ بُعُولَتِهِنَّ، وَأَبْنَاءَ بُعُولَتِهِنَّ، كَمَا ذَكَرَ آبَاءَهُنَّ وَأَبْنَاءَهُنَّ فِي إبْدَاءِ الزِّينَةِ لَهُمْ وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ النَّظَرِ إلَى شَعْرِ أُمِّ امْرَأَتِهِ وَبِنْتِهَا؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَذْكُورَتَيْنِ فِي الْآيَةِ قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا حَكَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّهُ مَحْرَمٌ يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا وَقَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: سَاعَةَ يَعْقِدُ عُقْدَةَ النِّكَاحِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّ امْرَأَتِهِ، فَلَهُ أَنْ يَرَى شَعْرَهَا وَمَحَاسِنَهَا، لَيْسَتْ مِثْلَ الَّتِي يَزْنِي بِهَا، لَا يَحِلُّ لَهُ أَبَدًا أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِهَا، وَلَا إلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ أُمُّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَابْنَتُهَا لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ وَإِنْ حَرُمَ نِكَاحُهُنَّ]
(٥٣٣٠) فَصْلٌ: فَأَمَّا أُمُّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَابْنَتُهَا، فَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ، وَإِنْ حَرُمَ نِكَاحُهُنَّ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ بِسَبَبٍ مُحَرِّمٍ، فَلَمْ يُفِدْ إبَاحَةَ النَّظَرِ، كَالْمُحَرَّمَةِ بِاللِّعَانِ، وَكَذَلِكَ بِنْتُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمُّهَا، لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لِقَرَابَتِهِ الْمُسْلِمَةَ. قَالَ أَحْمَدُ فِي يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ بِنْتُهُ: لَا يُسَافِرْ بِهَا، لَيْسَ هُوَ مَحْرَمًا لَهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ لَيْسَ مَحْرَمًا لَهَا فِي السَّفَرِ، أَمَّا النَّظَرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحِجَابُ مِنْهُ «؛ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى الْمَدِينَةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ فَطَوَتْ فِرَاشَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِئَلَّا يَجْلِسَ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَحْتَجِبْ مِنْهُ، وَلَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
[فَصْلٌ عَبْدُ الْمَرْأَةِ لَهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا]
(٥٣٣١) فَصْلٌ: وَعَبْدُ الْمَرْأَةِ لَهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، فَمَلَكَ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ مُكَاتَبٍ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِينَارٌ رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي (سُنَنِهِ) وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، وَعَلَى فَاطِمَةَ ثَوْبٌ إذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute