أَحَدُكُمَا أَوْ غَيْرُكُمَا. أَوْ قَالَ: أَوْدَعَنِيهَا أَحَدُكُمَا. أَوْ: رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّك تَعْلَمُ أَنِّي صَاحِبُهَا، أَوْ أَنِّي الَّذِي أَوْدَعْتُكَهَا، أَوْ طَلَبَتْ يَمِينَهُ، لَزِمَهُ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ، لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ، وَمَنْ لَزِمَهُ الْحَقُّ مَعَ الْإِقْرَارِ، لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ مَعَ الْإِنْكَارِ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ. وَإِنْ صَدَّقَاهُ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ. وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، حَلَفَ لِلْآخَرِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ غَيْرِهِمَا، صَارَ الْمُقَرُّ لَهُ صَاحِبَ الْيَدِ. فَإِنْ قَالَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ: احْلِفْ لِي أَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ مِلْكِي، أَوْ أَنِّي لَسْت الَّذِي أَوْدَعْتُكهَا. لَزِمَهُ الْيَمِينُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا.
وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا لَهُمَا كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا ابْتِدَاءً، وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ الْمَحْكُومِ بِهِ لِصَاحِبِهِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَمِينُ لِصَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ.
[فَصْل أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَاهُ بَيِّنَةً]
(٨٥١٨) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ دَارٌ، فَادَّعَاهَا نَفْسَانِ، قَالَ أَحَدُهُمَا: آجَرْتُكهَا. وَقَالَ الْآخَرُ: هِيَ دَارِي أَعَرْتُكهَا. أَوْ قَالَ: هِيَ دَارِي وَرِثْتهَا مِنْ أَبِي. أَوْ قَالَ: هِيَ دَارِي. وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا آخَرَ، فَأَنْكَرْهُمَا صَاحِبُ الْيَدِ، وَقَالَ: هِيَ دَارِي. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، حُكِمَ لَهُ بِهَا. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَاهُ بَيِّنَةً، تَعَارَضَتَا، وَكَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى، إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُقَدَّمُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالسَّبَبِ، فَإِنَّ بَيِّنَةَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَرِثَهَا مُقَدَّمَةٌ؛ لِشَهَادَتِهَا بِالسَّبَبِ.
وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا، فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ، بِأَنْ يَكُونَ غَصَبَهَا مِنْ هَذَا، وَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ، وَإِقْرَارُ الْغَاصِبِ بَاطِلٌ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. فَتُدْفَعُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنَّمَا حَالَتْ الْبَيِّنَةُ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا، أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا إلَى مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا أَوَّلًا، وَلَزِمَهُ غَرَامَتُهَا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ.
[فَصْل أَخَذَ مِنْ رَجُلَيْنِ ثَوْبَيْنِ أَحَدَهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرَ بِعُشْرِينَ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا ثَوْبُ هَذَا مِنْ ثَوْبِ هَذَا]
(٨٥١٩) فَصْلٌ: نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ، فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلَيْنِ ثَوْبَيْنِ، أَحَدَهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرَ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا ثَوْبُ هَذَا مِنْ ثَوْبِ هَذَا، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَوْبًا مِنْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، يَعْنِي وَادَّعَاهُ الْآخَرُ، يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَكَانَ الثَّوْبُ الْجَيِّدُ لَهُ، وَالْآخَرُ لِلْآخَرِ. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا تَنَازَعَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا.
[فَصْل تَدَاعَيَا عَيْنًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذِهِ الْعَيْنُ لِي]
(٨٥٢٠) فَصْلٌ: إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: هَذِهِ الْعَيْنُ لِي، اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَنَقَدْتُهُ إيَّاهَا. وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَنْكَرَهُمَا زَيْدٌ، حَلَفَ، وَكَانَتْ الْعَيْنُ لَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا، سَلَّمَهَا إلَيْهِ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute