وَالثَّانِي نِصْفُهُ حُرٌّ وَبَاقِيهِ عَبْدٌ لِشَرِيكِهِ إلَّا أَنَّ نِصْفَ وَلَدِ الْأَوَّلِ عَبْدٌ قِنٌّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلنِّصْفِ الْبَاقِي مِنْ الْأُمِّ.
وَأَمَّا النِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الثَّانِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ لِنِصْفِهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ لِلْأَوَّلِ، فَكَانَ نِصْفُهُ الرَّقِيقُ تَابِعًا لَهَا فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّ الْقَاضِيَ أَرَادَ مَا إذَا عَجَزَتْ وَفَسَخَتْ الْكِتَابَةَ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنَّ لَهَا الْمَهْرَ كَامِلًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِذَا حُكِمَ بِرِقِّ نِصْفِ وَلَدِهَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُهَا فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ يَكُونُ تَابِعًا لَهَا
الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا وَالثَّانِي مُوسِرًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثَّالِثِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ وَلَدَ الثَّانِي حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ ثَبَتَتْ لِنِصْفِهِ بِفِعْلِ أَبِيهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَسَرَى إلَى جَمِيعِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ وَلَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ الْأُمُّ؛ لِأَنَّ نِصْفَهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَوَجَبَ أَنْ لَا يُقَوَّمَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ أُمِّهِ فِي هَذَا، فَإِذَا مَنَعَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ السِّرَايَةَ فِي الْأُمِّ مَنَعَهُ فِيمَا هُوَ تَابِعٌ لَهَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَ الْقَاضِي.
[فَصْلٌ كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَوْلَدَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا.]
(٨٧٦٠) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ السَّابِقُ فَعَلَى قَوْلِنَا لَهَا الْمَهْرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقِرُّ لِصَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِي بِإِحْبَالِي إيَّاهَا وَوَجَبَ لِشَرِيكِي عَلَيَّ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَلِي عَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَوْلَدْتُهَا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِي. وَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا لَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ سَبَقَ ذِكْرُهُمَا.
فَعَلَى هَذَا إنْ اسْتَوَى مَا يَدَّعِيهِ وَمَا يُقِرُّ بِهِ تَقَاصَّا وَتَسَاقَطَا وَلَا يَمِينَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لِي عَلَيْك مِثْلُ مَا لَك عَلَيَّ، وَالْجِنْسُ وَاحِدٌ، فَتَسَاقَطَا. وَإِنْ زَادَ مَا يُقِرُّ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خَصْمَهُ يُكَذِّبُهُ فِي إقْرَارِهِ، وَإِنْ زَادَ مَا يَدَّعِيهِ فَلَهُ الْيَمِينُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَيَثْبُتُ لِلْأَمَةِ حُكْمُ الْعِتْقِ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَوْتِهِ؛ لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى شَرِيكِهِ فِي إعْتَاقِ نَصِيبِهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْأَمَةِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِمَنْ تَقَعُ الْقُرْعَةُ لَهُ، وَالثَّانِي تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا وَلَا يَطَؤُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا. قَالَ: وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ.
وَأَمَّا الْقَاضِي فَاخْتَارَ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي الْمَهْرَ عَلَى صَاحِبِهِ وَيُقِرُّ لَهُ بِنِصْفِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ عِنْدَهُمْ لِسَيِّدِهَا دُونَهَا وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْآخَرِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْآخَرُ عَتَقَتْ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهَا قَدْ مَاتَ يَقِينًا، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّ نِصْفَهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَيُصَدِّقُهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَسْرِي مَعَ الْإِعْسَارِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute