[فَصْلٌ قَطَعَ كِتَابِيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ فَبَرَأَ أَوْ اقْتَصَّ ثُمَّ انْتَقَضَ جُرْحَ الْمُسْلِمِ فَمَاتَ]
(٦٧٢٧) فَصْلٌ: وَلَوْ قَطَعَ كِتَابِيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، فَبَرَأَ أَوْ اقْتَصَّ، ثُمَّ انْتَقَضَ جُرْحُ الْمُسْلِمِ فَمَاتَ، فَلِوَلِيِّهِ قَتْلُ الْكِتَابِيِّ، وَالْعَفْوُ إلَى أَرْشِ الْجُرْحِ، وَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى بَدَلَ يَدِهِ بِالْقِصَاصِ، وَبَدَلُهَا نِصْفُ دِيَتِهِ، فَبَقِيَ لَهُ نِصْفُهَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاطِعُ مُسْلِمًا. وَالثَّانِي، لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْيَهُودِيِّ تَعْدِلُ نِصْفَ دِيَتِهِ، وَذَلِكَ رُبْعُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، فَقَدْ اسْتَوْفَى رُبْعَ دِيَتِهِ، وَبَقِيَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا.
وَإِنْ كَانَ قَطَعَ يَدَيْ الْمُسْلِمِ، فَاقْتَصَّ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ، فَعَفَا وَلِيُّهُ إلَى مَالٍ، انْبَنَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ؛ إنَّ قُلْنَا: تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْيَهُودِيِّ. فَلَهُ هَاهُنَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ يَدِ الْمُسْلِمِ. فَلَا شَيْءَ لَهُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى بَدَلَ يَدَيْهِ، وَهُمَا جَمِيعُ دِيَتِهِ. وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَعَفَا إلَى الدِّيَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ دِيَةَ ذَلِكَ دِيَةُ مُسْلِمٍ. وَلَوْ كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً عَلَى رَجُلٍ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ.
[فَصْلٌ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ الْكُوعِ ثُمَّ قَطَعَهَا آخَرُ مِنْ الْمَرْفِقِ فَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا]
(٦٧٢٨) فَصْلٌ: إذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ الْكُوعِ، ثُمَّ قَطَعَهَا آخَرُ مِنْ الْمَرْفِقِ، فَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا، فَلِوَلِيِّهِ قَتْلُ الْقَاطِعَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ طَرَفَيْهِمَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ، لَهُ قَطْعُ يَدِ الْقَاطِعِ مِنْ الْكُوعِ. فَإِنْ قَطَعَهَا، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ، فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ مَقْطُوعَةً مِنْ الْكُوعِ، فَقَطَعَهَا مِنْ الْمَرْفِقِ، ثُمَّ عَفَا، فَلَهُ دِيَةٌ، إلَّا قَدْرَ الْحُكُومَةِ فِي الذِّرَاعِ. وَلَوْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ مِنْ الْمَرْفِقِ صَحِيحَةً، لَمْ يَجُزْ قَطْعُهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ صَحِيحَةً بِمَقْطُوعَةٍ.
وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِيَهُمَا، وَهُمَا صَحِيحَتَانِ، أَوْ قَطَعَ رَجُلَانِ يَدَيْهِ، فَقَطَعَ يَدَيْهِمَا، ثُمَّ سَرَتْ الْجِنَايَةُ، فَمَاتَ مِنْ قَطْعِهِمَا، فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا قِيمَتُهُ دِيَةٌ. وَإِنْ اخْتَارَ قَتْلَهُمَا، فَلَهُ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ قَبْلَ وَضْعِهَا]
(٦٧٢٩) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ قَبْلَ وَضْعِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا وَقْتَ الْجِنَايَة، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَهَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الطَّرَفِ؛ أَمَّا فِي النَّفْسِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: ٣٣] . وَقَتْلُ الْحَامِلِ قَتْلٌ لِغَيْرِ الْقَاتِلِ، فَيَكُونُ إسْرَافًا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute