عَنْ سَبْعَةٍ. وَقَالَ أَيْضًا: كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، نَشْتَرِكُ فِيهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَانِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِهِمْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ رَافِعٍ، فَهُوَ فِي الْقِسْمَةِ، لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِكُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ، أَوْ لَمْ يَكُونُوا، مُفْتَرِضِينَ أَوْ مُتَطَوِّعِينَ أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ الْقُرْبَةَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ إنَّمَا يُجْزِئُ عَنْهُ نَصِيبُهُ، فَلَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ غَيْرِهِ فِي عُشْرِهِ.
[فَصْلٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ شَاةً وَاحِدَةً]
(٧٨٥٥) فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ شَاةً وَاحِدَةً، أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ صَالِحٌ: قُلْت لِأَبِي: يُضَحَّى بِالشَّاةِ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا بَأْسَ، قَدْ ذَبَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبْشَيْنِ، فَقَرَّبَ أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ» . وَقَرَّبَ الْآخَرَ، فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك، عَمَّنْ وَحَّدَك مِنْ أُمَّتِي» . وَحُكِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ، فَتَجِيءُ ابْنَتُهُ، فَتَقُولُ: عَنِّي؟ فَيَقُولُ: وَعَنْك. وَكَرِهَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، فَإِذَا اشْتَرَكَ فِيهَا اثْنَانِ، لَمْ تُجْزِ عَنْهُمَا، كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ.
وَلَنَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِكَبْشٍ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ» . وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ «ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، عَلَى مِلَّةِ، إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، مُسْلِمًا، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ ذَبَحَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ، وَيُطْعِمُونَ النَّاسَ» . حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(٧٨٥٦) فَصْلٌ: وَأَفْضَلُ الْأَضَاحِيِّ الْبَدَنَةُ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ، ثُمَّ الشَّاةُ، ثُمَّ شِرْكٌ فِي بَقَرَةٍ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَفْضَلُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ، ثُمَّ الْبَقَرَةُ، ثُمَّ الْبَدَنَةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، وَلَا يَفْعَلُ إلَّا الْأَفْضَلَ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ لَفَدَى بِهِ إِسْحَاقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute