وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَغْتَنِمُ مِنْ الْإِمَامِ اثْنَتَيْنِ، إذَا قَالَ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) . فَأَقْرَأُ عِنْدَهَا، وَحِينَ يَخْتِمُ السُّورَةَ، فَأَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِهَارِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
[مَسْأَلَة قِرَاءَةُ سُورَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ كُلّ صَلَاةٍ]
(٦٨١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً فِي ابْتِدَائِهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّهُ يُسَنُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ، وَيَجْهَرُ بِهَا فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ بِالْفَاتِحَةِ، وَيُسِرُّ فِيمَا يُسِرُّ بِهَا فِيهِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَإِنَّ أَبَا قَتَادَةَ رَوَى «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: فِي الظُّهْرِ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَرَوَى أَبُو بَرْزَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ مِنْ السِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ. وَقَدْ اشْتَهَرَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسُّورَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ، وَنُقِلَ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، وَأَمَرَ بِهِ مُعَاذًا، فَقَالَ: اقْرَأْ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَبِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَفْتَتِحَ السُّورَةَ بِقِرَاءَةِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ، وَافَقَ مَالِكٌ عَلَى هَذَا؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ: لَا يَقْرَأُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، وَيَسْتَفْتِحُ بِهَا فِي بَقِيَّةِ السُّوَرِ. وَيُسِرُّ بِهَا فِي السُّورَةِ كَمَا يُسِرُّ بِهَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، وَالْخِلَافُ هَاهُنَا كَالْخِلَافِ ثَمَّ، وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ
[فَصْلٌ يَقْرَأُ الْفَاتِحَة بِمَا فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ]
(٦٨٢) فَصْلٌ: وَيَقْرَأُ بِمَا فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ. وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُ قِرَاءَةَ نَافِعٍ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِرَاءَةُ عَاصِمٍ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ. وَأَثْنَى عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ. وَلَمْ يَكْرَهْ قِرَاءَةَ أَحَدٍ مِنْ الْعَشْرِ، إلَّا قِرَاءَةَ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْكَسْرِ وَالْإِدْغَامِ، وَالتَّكَلُّفِ، وَزِيَادَةِ الْمَدِّ.
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالتَّفْخِيمِ» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِالتَّفْخِيمِ وَالتَّثْقِيلِ، نَحْوُ الْجُمُعَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْهُ التَّسْهِيلُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ قِرَاءَتَهُمَا فِي الصَّلَاةِ جَائِزَةٌ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إمَامٌ كَانَ يُصَلِّي بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ أُصَلِّي خَلْفَهُ؟ قَالَ: لَا يَبْلُغُ بِهِ هَذَا كُلَّهُ، وَلَكِنَّهَا لَا تُعْجِبُنِي قِرَاءَةُ حَمْزَةَ.
(٦٨٣) فَصْلٌ: فَأَمَّا مَا يَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهَا، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute