للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ ابْنَيْ عَمٍّ لَهُ بِأَلْفٍ، لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ، فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ وَهَبَهُ أَخَاهُ، ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَهُمَا وَخَلَّفَ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ قِيَاسَ قَوْلِ الْقَاضِي، إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثَا الْمُعْتَقِ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمَوْلَى عِتْقَ جَمِيعِهِ، ثُمَّ يَرِثُ بِثُلُثَيْهِ ثُلُثَيْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ، فَيُعْتَقُ مِنْهُ ثَمَانِيَةُ أَتْسَاعِهِ، وَيَبْقَى تُسْعُهُ وَثُلُثُ أَخِيهِ لِلْمَوْلَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ كُلُّهُ، وَيَرِثَ أَخَاهُ، فَيُعْتَقَانِ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالْإِعْتَاقِ وَارِثًا لِثُلُثَيْ التَّرِكَةِ، فَتَنْفُذُ إجَازَتُهُ فِي إعْتَاقِ بَاقِيهِ، فَتَكْمُلُ لَهُ الْحُرِّيَّةُ، ثُمَّ يَكْمُلُ الْمِيرَاثُ لَهُ

وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: يُعْتَقُ ثُلُثَاهُ، وَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ إعْتَاقَ وَصِيَّةٍ لَهُ، فَيَبْطُلُ إعْتَاقُهُ، ثُمَّ يَبْطُلُ إرْثُهُ، فَيُؤَدِّي تَوْرِيثُهُ إلَى إبْطَالِ تَوْرِيثِهِ. وَهَذَا قَوْلٌ لِلشَّافِعِي، وَيَبْقَى ثُلُثُهُ وَابْنُ الْعَمِّ الْآخَرُ لِلْمَوْلَى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَقُ ثُلُثَا الْمُعْتَقِ، وَيَسْعَى فِي قِيمَةِ ثُلُثِهِ، وَلَا يَرِثُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُف، وَمُحَمَّدٌ: يُعْتَقُ كُلُّهُ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ أَخُوهُ بِالْهِبَةِ، وَيَكُونَانِ أَحَقَّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ سِوَاهُمَا، أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ بِالْمِيرَاثِ، وَيَغْرَمُ الْمُعْتِقُ لِأَخِيهِ الْمَوْهُوبِ نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْأَوَّلِ وَصِيَّةٌ لَهُ، وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.

وَقَدْ صَارَ وَارِثًا مَعَ أَخِيهِ، فَوَرِثَ نِصْفَ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، وَنِصْفَ قِيمَةِ أَخِيهِ، وَوَرِثَ أَخُوهُ الْبَاقِيَ، وَكَانَ أَخُوهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هِبَةً مِنْ الْمَرِيضِ لَهُ، فَعَتَقَ بِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، وَلَمْ يُعْتَقْ مِنْ الْمَرِيضِ، فَلَمْ يَكُنْ عِتْقُهُ وَصِيَّةً، بَلْ اسْتَهْلَكَهَا بِالْعِتْقِ الَّذِي جَرَى فِيهَا، فَيَغْرَمُ الْأَوَّلُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ أَخِيهِ لِأَخِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَهُمَا عَتَقَا، وَغَرِمَ الْأَوَّلُ لِأَخِيهِ نِصْفَ قِيمَةِ أَخِيهِ، وَلَمْ يَغْرَمْ لَهُ نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَعْ وَارِثًا، جَازَتْ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ، وَلَا يُعْتَقَانِ حَتَّى تَجُوزَ وَصِيَّةُ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ مَتَى بَقِيَتْ عَلَيْهِ سِعَايَةٌ، لَمْ يَرِثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُعْتَقْ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْفُذَ لِلْمُعْتَقِ وَصِيَّةً لِيَصِيرَ حُرًّا فَيُعْتَقَ أَخُوهُ بِعِتْقِهِ، وَقَدْ جَازَتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ فِي جَمِيعِ رَقَبَتِهِ

؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا لَمْ يَدَعْ وَارِثًا، جَازَتْ وَصِيَّتُهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَيَرِثَانِ جَمِيعًا، وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُول: قَدْ صِرْت أَنَا وَأَنْتَ وَارِثَيْنِ، فَلَا تَأْخُذْ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْئًا دُونِي، وَقَدْ كَانَتْ رَقَبَتِي لَك وَصِيَّةً وَعَتَقَتْ مِنْ قِبَلِك، فَاضْمَنْ لِي نِصْفَ رَقَبَتِي. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَهُنَاكَ مَالٌ غَيْرُهُمَا، أَخَذَ الثَّانِي نِصْفَهُ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِهِ، وَكَانَ مَا بَقِيَ مِيرَاثًا لِأَخِيهِ الْأَوَّلِ.

[فَصْلٌ كَانَ لِلْمَرِيضِ ثَلَاثَة آلَاف فَتَبَرُّع بِأَلْفِ ثُمَّ اشْتَرَى أَبَاهُ مِمَّا بَقِيَ وَلَهُ ابْن]

(٤٧٠١) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لِلْمَرِيضِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَتَبَرَّعَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ اشْتَرَى أَبَاهُ مِمَّا بَقِيَ وَلَهُ ابْنٌ، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَيْسَ الشِّرَاءُ وَصِيَّةً: يُعْتَقُ الْأَبُ وَيَنْفُذُ مِنْ التَّبَرُّعِ قَدْرُ ثُلُثِ الْمَالِ حَالَ الْمَوْتِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَبِ سُدُسُهُ، وَبَاقِيهِ لِلِابْنِ. عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَمَنْ جَعَلَهُ وَصِيَّةً: لَا يُعْتَقُ أَبٌ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ، وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِذَا قُدِّمَ التَّبَرُّعُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ، وَيَرِثُهُ الِابْنُ، فَيُعْتَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>