وَيُسَنُّ أَنْ يُنَادَى لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَمَّا كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُودِيَ بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا يُسَنُّ لَهَا أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، وَلِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ النَّوَافِلِ
[مَسْأَلَة الْمُسْتَحَبّ فِي صَلَاة الْكُسُوف]
(١٤٦٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِأُمِّ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ، يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ الرُّكُوعَ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ وَيُطِيلُ الْقِيَامَ، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، فَإِذَا قَامَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ) .
وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، يُحْرِمُ بِالْأُولَى، وَيَسْتَفْتِحُ، وَيَسْتَعِيذُ، وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةَ الْبَقَرَةِ، أَوْ قَدْرَهَا فِي الطُّولِ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ.
ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، أَوْ قَدْرَهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيُسَمِّعُ وَيَحْمَدُ، ثُمَّ يَسْجُدُ فَيُطِيلُ السُّجُودَ فِيهِمَا، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةَ النِّسَاءِ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُسَبِّحُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ تَسْبِيحِهِ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَالْمَائِدَةَ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ دُونَ الَّذِي قَبْلَهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيُسَمِّعُ وَيَحْمَد، ثُمَّ يَسْجُدُ فَيُطِيلُ، فَيَكُونُ الْجَمِيعُ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ وَسُجُودَانِ.
وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا. وَلَيْسَ هَذَا التَّقْدِيرُ فِي الْقِرَاءَةِ مَنْقُولًا عَنْ أَحْمَدَ، لَكِنْ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّ الْأُولَى أَطْوَلُ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَجَاءَ التَّقْدِيرُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثٍ لِعَائِشَةَ: «حَزَرْت قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْت أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ» .
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يُطِيلُ السُّجُودَ. حَكَاهُ عَنْهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ. وَقَالَا: لَا يُجْهَرُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَيُجْهَرُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ. وَوَافَقَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ: حَزَرْت قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَوْ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ لَمْ تَحْتَجْ إلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَرَوَى سَمُرَةُ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ، فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ صَوْتًا.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ نَهَارٍ، فَلَمْ يَجْهَرْ فِيهَا كَالظُّهْرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ؛ لِمَا رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ، حَتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ النُّعْمَانِ