عَلَيْهِ. وَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ، فَلَا حَرَجَ، فَعَلَهُ عُمَرُ وَتَرَكَ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَتَرَكَ عُثْمَانُ، وَأَبُو مُوسَى، وَعَمَّارٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ.
وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْزِلُ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةُ تَطَوُّعٍ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِهَا فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ، كَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ.
وَلَنَا، فِعْلُ عُمَرَ وَتَرْكُهُ، وَفِعْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلِأَنَّهُ سُنَّةٌ وُجِدَ سَبَبُهَا، لَا يَطُولُ الْفَصْلُ بِهَا، فَاسْتُحِبَّ فِعْلُهَا، كَحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا عَطَسَ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ. وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ؛ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
وَيُفَارِقُ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ، لِأَنَّ سَبَبَهَا لَمْ يُوجَدْ، وَيَطُولُ الْفَصْلُ بِهَا.
[فَصْلٌ الْمُوَالَاةُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْخُطْبَةِ]
(١٣٠٧) فَصْلٌ: وَالْمُوَالَاةُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْخُطْبَةِ فَإِنْ فَصَلَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، بِكَلَامٍ طَوِيلٍ، أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ، أَوْ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ، اسْتَأْنَفَهَا. وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعَادَةِ. وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ. وَإِنْ احْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ تَطَهَّرَ، وَبَنَى عَلَى خُطْبَتِهِ، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ.
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلِنَفْسِهِ وَالْحَاضِرِينَ]
(١٣٠٨) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَلِنَفْسِهِ، وَالْحَاضِرِينَ، وَإِنْ دَعَا لِسُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ بِالصَّلَاحِ فَحَسَنٌ. وَقَدْ رَوَى ضَبَّةُ بْنُ مُحَصِّنٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ إذَا خَطَبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو لِعُمَرَ، وَأَبِي بَكْرٍ. وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ضَبَّةُ الْبِدَايَةَ بِعُمَرَ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَبِي بَكْرٍ، وَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ لِضَبَّةَ: أَنْتَ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَرْشَدُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَطَاءً قَالَ: هُوَ مُحَدِّثٌ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِعْلَ الصَّحَابَةِ لَهُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِ عَطَاءٍ؛ وَلِأَنَّ سُلْطَانَ الْمُسْلِمِينَ إذَا صَلَحَ كَانَ فِيهِ صَلَاحٌ لَهُمْ، فَفِي الدُّعَاءِ لَهُ دُعَاءٌ لَهُمْ، وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.
[مَسْأَلَةٌ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُورَةً]
(١٣٠٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُورَةً) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ عَقِيبَ الْخُطْبَةِ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وَسُورَةً، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا. لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَالثَّانِيَةِ بِسُورَةِ الْمُنَافِقِينَ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْجُمُعَةِ