فَإِذَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ حَلِفًا، فَوُجِدَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَدْ وُجِدَ الْحَلِفُ مَرَّةً أُخْرَى، وَأَمَّا التَّأْكِيدُ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ الْمُكَرَّرُ إذَا قَصْدَهُ، وَهَا هُنَا إنْ قَصَدَ إفْهَامَهَا، لَمْ يَقَعْ بِالثَّانِي شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ. يَعْنِي بِالثَّانِيَةِ إفْهَامَهَا، فَأَمَّا إنْ كَرَّرَ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، بَانَتْ بِطَلْقَةٍ، وَلَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْهَا، فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثًا، بَانَتْ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ تَطْلُقْ بِالثَّالِثَةِ، فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ لَهَا، أَوْ قَالَ لَهَا: إنْ تَكَلَّمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ طَلَاقِهَا إنَّمَا كَانَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا.
[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ]
(٥٩٣٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ. ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا. فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَانَتْ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، فَإِذَا أَعَادَهُ مَرَّةً ثَالِثَةً، لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بَائِنٌ، فَلَمْ تَكُنْ إعَادَةُ هَذَا الْقَوْلِ حَلِفًا بِطَلَاقِهَا. وَهِيَ غَيْرُ زَوْجِهِ، فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ، فَإِنَّ شَرْطَ طَلَاقِهِمَا الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا جَمِيعًا، فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَ الْبَائِنِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: إنْ تَكَلَّمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَقَدْ قِيلَ: يَطْلُقَانِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِهَذَا حَالِفًا بِطَلَاقِهَا، وَقَدْ حَلَفَ بِطَلَاقِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِإِعَادَةِ قَوْلِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، فَطَلَقَتَا حِينَئِذٍ، يَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَذِهِ الَّتِي جَدَّدَ نِكَاحَهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَ إعَادَتِهِ الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ بَائِنٌ، فَلَمْ تَنْعَقِدْ الصِّفَةُ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا، كَمَا لَوْ قَالَ لَأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا. وَلَكِنْ تَطْلُقُ الْمَدْخُولُ بِهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَحَلَفَ بِطَلَاقِ هَذِهِ حِينَئِذٍ، فَكَمَّلَ شَرْطَ طَلَاقِهَا. فَطَلَقَتْ وَحْدَهَا.
[فَصْلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ فَقَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعُمْرَة طَالِقٌ]
(٥٩٣٤) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ، فَقَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ أَعَادَهُ، لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا حَلِفٌ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا فَلَمْ يُوجَدْ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا. وَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. طَلَقَتْ عَمْرَةُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهِمَا بَعْدَ تَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا عَلَى الْحَلِفِ بِطَلَاقِهِمَا، وَلَمْ تَطْلُقْ حَفْصَةُ لِأَنَّهُ مَا حَلَفَ بِطَلَاقِهِمَا بَعْدَ تَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ بَعْدَ هَذَا: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا، فَعَمْرَةُ طَالِقٌ. لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا، إنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا. فَإِنْ قَالَ بَعْدَ هَذَا: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا، فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. طَلَقَتْ حَفْصَةُ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ.
[فَصْلٌ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَضَرَّتُك طَالِقٌ]
(٥٩٣٥) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك، فَضَرَّتُك طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ طَلَقَتْ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ لِلثَّانِيَةِ هُوَ حَلِفٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى، وَذَلِكَ شَرْطُ وُقُوعِ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ إنْ أَعَادَ لِلْأُولَى، طَلَقَتْ، ثُمَّ كُلَّمَا أَعَادَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَامْرَأَةٍ طَلَقَتْ، حَتَّى يَكْمُلَ لِلثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ، ثُمَّ إذَا أَعَادَهُ لِلْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute