لِأَنَّ الْمِلْكَ لِسَيِّدِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إبْطَالِ حُقُوقِهِ.
وَإِنْ أَسْقَطَهَا السَّيِّدُ، سَقَطَتْ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ أَسْقَطَهُ مُسْتَحِقُّهُ، فَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ.
[فَصْلٌ بِيعَ شِقْصٌ فِي شَرِكَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ]
(٤٠٤٦) فَصْلٌ: وَإِذَا بِيعَ شِقْصٌ فِي شَرِكَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَلِلْعَامِلِ الْأَخْذُ بِهَا إذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِلْكُهُ. وَلَا يَنْفُذُ عَفْوُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَنْفُذْ عَفْوُهُ، كَالْمَأْذُونِ لَهُ. وَإِنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا فِي شَرِكَةِ رَبِّ الْمَالِ، فَهَلْ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ شُفْعَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، مَبْنِيَّيْنِ عَلَى شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا. وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ شَفِيعَهُ، وَلَا رِبْحَ فِي الْمَالِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ.
وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَقُلْنَا: لَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ. فَكَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ. فَفِيهِ وَجْهَانِ كَرَبِّ الْمَالِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. فَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبُ شِقْصًا فِي شَرِكَتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فَأَشْبَهَ شِرَاءَهُ مِنْ نَفْسِهِ.
[فَصْلٌ لَا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ الْوَقْفِ]
(٤٠٤٧) فَصْلٌ: وَلَا شُفْعَةَ بِشَرِكَةِ الْوَقْفِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِيَانِ؛ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو يَعْلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ، فَلَا تَجِبُ فِيهِ، كَالْمُجَاوِرِ وَغَيْرِ الْمُنْقَسِمِ، وَلِأَنَّنَا إنْ قُلْنَا: هُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ. فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَالِكٍ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ مَمْلُوكٌ. فَمِلْكُهُ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إبَاحَةَ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ، فَلَا يَمْلِكُ بِهِ مِلْكًا تَامًّا.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنَّ قُلْنَا: هُوَ مَمْلُوكٌ. وَجَبَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِيعَ فِي شَرِكَتِهِ شِقْصٌ، فَوَجَبَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ كَالطَّلْقِ، وَلِأَنَّ الضَّرَرَ يَنْدَفِعُ عَنْهُ بِالشُّفْعَةِ كَالطَّلْقِ، فَوَجَبَتْ فِيهِ، كَوُجُوبِهَا فِي الطَّلْقِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بَيْعٌ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.
[مَسْأَلَة بِنَاءُ الْمُشْتَرِي وَغَرْسُهُ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ]
(٤٠٤٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي أَعْطَاهُ الشَّفِيعُ قِيمَةَ بِنَائِهِ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ بِنَاءَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِهِ ضَرَرٌ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ بِنَاءُ الْمُشْتَرِي وَغَرْسُهُ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا، أَنْ يُظْهِرَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وُهِبَ لَهُ، أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الشَّفِيعَ مِنْ الْأَخْذِ بِهَا، فَيَتْرُكُهَا وَيُقَاسِمُهُ، ثُمَّ يَبْنِي الْمُشْتَرِي وَيَغْرِسُ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute